از عقیده تا انقلاب (۴): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرها
حسن حنفي
الباب الرابع: التاريخ العام
الفصل التاسع: تطور الوحي (النبوة)
أولا: مكانها، وموضوعاتها، ومعناها
لما كانت العقليات الشق الأول من علم أصول الدين وقد ظهر فيها الإنسان قابعا وراءها ومنبعا للإلهيات، يظهر التاريخ في الشق الثاني من العلم وهو السمعيات أو النبوات كمنبع لها؛ وعلى هذا النحو تكشف العقليات والسمعيات أو الإلهيات والنبوات، وهما الشقان الأساسيان في علم أصول الدين، عن الموضوعين الرئيسين فيه وهما الإنسان والتاريخ وإن بديا غير ظاهرين مغتربين؛ الإنسان مغترب في الذات والصفات والأفعال، والتاريخ مغترب في النبوة والمعاد، محاصر بين الماضي والمستقبل، ومحصور بين إيمان العامة وفردية الإمام.
وكما شملت العقليات موضوعات أربعة؛ الذات والصفات وخلق الأفعال والحسن والقبح، فإن السمعيات أيضا تشمل موضوعات أربعة؛ النبوة والمعاد والأسماء والأحكام (الإيمان والعمل) والإمامة؛ فالنبوة إذن موضوع في السمعيات، وتبدأ النبوة باب السمعيات؛ لأنها الطريق إلى معرفة الأخبار المتعلقة بالمعاد والأسماء والأحكام والإمامة؛ لذلك ظهرت مسألة الكلام ليس كصفة ولكن من حيث هو كلام يمكن نقله تاريخيا ويكون مصدرا للمعرفة. وهي كلها أبعاد للتاريخ؛ فالنبوة تشير إلى تطور الوحي في الماضي، والوحي هو التاريخ، والمعاد يشير إلى تاريخ الإنسانية في المستقبل، وكلاهما يكون التاريخ العام للإنسانية جمعاء، ماضيها ومستقبلها؛ ثم يبرز الفرد في التاريخ في الأسماء والأحكام في بعدي النظر والعمل، كما تظهر الدولة بعد الفرد في صيغة الإمام؛ وبالتالي يظهر التاريخ المتعين في الفرد والدولة منبثقا من التاريخ العام، وكأن الفرد بنظره وعمله هو القادر على تحويل التاريخ العام للإنسانية جمعاء إلى تاريخ خاص للفرد. ولما كان الفرد يعيش مع آخرين نشأت الدولة كامتداد للفرد، وأصبحت الدولة هي المحققة للتاريخ العام والمحولة له إلى تاريخ خاص لمجتمع بعينه في مرحلة تاريخية بعينها؛ فالدولة باعتبارها ممثلا للأفراد هي الوريث الوحيد للتاريخ العام.
والنبوة أبعد الموضوعات عن التجريدات العقلية والمقولات الفلسفية وأقربها إلى اللغة الشائعة، وكذلك الأمر في سائر الموضوعات السمعية، ما دام العقل قد غاب ومفاهيمه قد اختفت، ولم يعد هناك إلا الشواهد السمعية دون تأويل أو تعقيل أو تنظير، وهي أكثر الموضوعات اعتمادا على النص والأخبار تواترا وآحادا؛ لذلك كان موضوع الأخبار جزءا منها. ومع ذلك يظهر الطابع الجدلي للدفاع وللرد على الخصوم، وكأن مهمة العقل هي الدفاع عن مسلمات الإيمان وأخبار السمع، وكذلك الحال في باقي الموضوعات السمعية خاصة المعاد، وكأن القدماء قد اكتفوا بإعمال العقل في الإلهيات وحولوها إلى عقليات وتركوا السمعيات لأجيال أخرى تقطع النصف الثاني من الشوط، فيتحول العلم كله إلى عقليات. فإذا كان السلف قد قطعوا النصف الأول من الشوط تكون مهمة الخلف قطع النصف الثاني منه؛ وبالتالي يتحول علم أصول الدين من علم عقلي نقلي إلى علم عقلي خالص لاحقا بمجموعة العلوم العقلية. (1) مكانها في العلم
يتدرج موضوع النبوة ويأخذ مكانه في العلم؛ ابتداء من عدم ظهوره على الإطلاق في الكتب المتقدمة إلى ظهوره تدريجيا حتى يأخذ وضعه بعد العقليات وفي أول السمعيات، حتى يصبح ذا أهمية بالغة في العقائد المتأخرة، ويصبح قطبا ثانيا في العقائد التي تدور على قطبين رئيسيين؛ الله والرسول. فلا تظهر في مصنفات التوحيد المتقدمة أو المتأخرة كما لا تظهر في مصنفات المعتزلة كأصل من الأصول الخمسة،
1
ثم تبدأ في الظهور في النهاية إثباتا لكمال الأنبياء ثم إثباتا لآيات الأنبياء ولكرامات الأولياء في مقابل قضاء الحاجات للأعداء ثم ذكر أبناء النبي،
صفحه نامشخص