از عقیده تا انقلاب (۴): نبوت – معاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
ژانرها
إن وعي الإنسان لا يحدث بالتقليد أو بالوراثة، بل بالإدراك والتمثل والاختيار العاقل. ويزداد الأمر خطورة في الفقه المترتب على الحكم على الأطفال بالإيمان والكفر فيما يتعلق بالدية والميراث؛ فقتل الطفل الكافر لا دية له ولا يرث ولا يورث؛ وبالتالي تستباح دماء الأطفال وأموالهم وممتلكاتهم أخذا بجريرة الآباء. والحقيقة أن الوصول في الحكم على الأطفال إلى حد استباحة دمائهم وأموالهم إنما يرجع في حقيقة الأمر إلى أطفال المخالفين الذين استباحوا دماء أطفال مخالفيهم؛ واحدة بواحدة، وطفلا بطفل. إن قتل غير البالغ العاقل جريمة يحرمها الشرع؛ لأن أفعاله خارجة عن الاستحقاق.
12
والحقيقة أن الاعتماد على الحجج النقلية لا يبرر الحكم بأخذ الأطفال بجريرة الآباء؛ فالحجة النقلية لا تعطي الظن لخضوعها للتأويل ولقواعد التفسير ولمنطق اللغة من محكم ومتشابه، ومجمل ومبين، وخاص وعام، وظاهر ومؤول، وحقيقة ومجاز، ولشتى صيغ الخطاب؛ فالخبر غير الأمر أو النهي، والقصص غير التشريع. إن الحكم بالإيمان والكفر لا يكون إلا على العقلاء البالغين، والأطفال ليسوا كذلك؛ فلا سبيل إذن إلى التفرقة بين أطفال المؤمنين وأطفال المشركين في الدنيا أو في الآخرة، ولا ضير أن يرث الأطفال فيما بينهم في الدنيا أو أن يوجدوا معا في الآخرة، لا فرق بين مؤمن وكافر؛ لأنهما حكمان لا ينطبقان عليهم. وإن كثيرا من هذه الحجج النقلية معارضة بأخرى تؤكد المسئولية الفردية، مثل:
وإذا الموءودة سئلت * بأي ذنب قتلت ، وغيرها من الآيات المماثلة.
13
ونظرا لصعوبة الحكم بعذاب الأطفال وبأخذهم بجريرة آبائهم، فقد يترك الأمر اختيارا لله، إن شاء عذب وإن شاء غفر، لا عن طريق الاستحقاق ولا عن طريق الانتقام، بل لأنه صاحب المشيئة والإرادة. وهذا تخل عن قانون الاستحقاق وعن أصل العدل وإرجاع المسألة إلى التوحيد، إلى صفة الإرادة. وإذا ما كان أطفال المؤمنين في الجنة، فليس لأن آبائهم مؤمنون، بل لأنهم أطفال لم يبلغوا ولم يصلوا بعد إلى الأمر والتكليف.
14
وكيف يؤجج الله نارا فيأمر الأطفال باقتحامها، فإن فعلوا استحقوا الجنة وإن لم يفعلوا استحقوا النار؟ وكيف يدخل الأطفال النار ثم يخرجون منها إلى الجنة؟ هل هو عقاب أم ثواب؟ ولماذا يعاقب من لا يقحم نفسه في النار ويلقي بنفسه إلى التهلكة وهو غير مكلف؟ وعلى أي أساس تتم التفرقة بين الأطفال؛ بين من يرمي نفسه في النار ومن يحجم عنها؟ وأين الخوف الطبيعي؟ وأي طفل سيلقي نفسه في النار؟ وهل للطفل إرادة عاقلة واختيار حر يختار بهما بين الإقدام والإحجام؟ وهل يمتحن الله الأطفال بعد الاخترام وقبل التكليف وبعد انقضاء الزمان؟ إن ذلك الامتحان لا يحدث للبالغين ولا للذين لم تبلغهم دعوة الإسلام؛ فامتحان البالغ المكلف في الدنيا وليس في الآخرة، والذي لم تبلغه دعوة الإسلام غير مكلف، وأفعاله خارج الاستحقاق بالرغم من إمكانية العاقل الوصول إلى أصلي التوحيد والعدل.
15
وقد يغالي البعض الآخر في قدرات الطفل على المعرفة والتمييز، ويجعله قادرا على إعمال عقله وعلى الوصول إلى أصلي التوحيد والعقل، فإن استطاع نال الثواب وإن عجز نال العقاب!
صفحه نامشخص