من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
ژانرها
10
وهنا تبرز أهمية إحدى الحركات الإصلاحية الحديثة بإبرازها أصل العدل وأصل السمع والعقل من أجل إرساء قواعد العدالة الاجتماعية والعقلانية الحديثة، وبناء على هذه الأصول الأربع تصبح الفرق أربعا: القدرية، والصفاتية، والخوارج، والشيعة.
11
ويعد ذلك انتصار العقل على التاريخ إذا علمنا أن تاريخ الفرق كان باستمرار تاريخا موجها بالنص الذي يجعلها ثلاثا وسبعين فرقة! (3) من الفرق ثم الموضوعات بلا بناء إلى الفرق ثم الموضوعات المبنية
في نفس الوقت الذي يظهر فيه علم الكلام على أنه تاريخ فرق يظهر أيضا على أنه موضوعات مستقلة، وإن لم تدخل تحت تبويب معين حتى نعلم بناء العلم، يتم عرض الفرق أولا ثم الموضوعات ثانيا دون أدنى ربط بين الشعور التاريخي والشعور البنائي، وكأن هناك شعورين مستقلين عن بعضهما البعض لا رابط بينهما، بل إن عرض الفرق لم يتم طبقا لأصول معينة فكرية أو طبقا لبناء معين أو حتى طبقا لموضوعات علم الكلام الرئيسية، بل يدور معظمها حول المسائل الطبيعية، وبعض مسائل أصول الفقه والأحكام، وبعض مسائل الكلام مثل الإمامة والذات والصفات دون ترتيب أو تبويب، بل أحيانا بتكرار وسرد وكأن المعاني ما زالت تتحسس طريقا نحو البناء، وكأن علم الكلام ما زال في بدايته، محاولة لتجميع المعاني، وتحول النصوص إلى موضوعات نظرية وإن لم يجمعها جامع واحد.
12
وفي مقابل ذلك يعرض علم الكلام أيضا على أنه فرق، ثم يعرض ثانيا على أنه موضوعات مبنية، ولكن الفرق هي الفرق غير الإسلامية وعلى رأسها اليونان، والنصارى، واليهود، والبراهمة لأن الفرق الإسلامية تركت في نهاية العلم كما هو الحال في المصنفات التي تحدد فيها بناء العلم النهائي، وذكر الفرق غير الإسلامية أولا ليس من أجل السرد والإحصاء أو الإخبار والتعريف أو التاريخ والبيان، بل تقوم الفرق على أساس فكري، وتمثل كل فرقة موضوعا مستقلا، الفرقة موضوع تاريخي مستقل ولكنه يتحقق في التاريخ، والفرق ست: الأولى مبطلو الحقائق أو السوفسطائية، وهي تشير إلى نظرية العلم كمقدمة أولى في بناء العلم.
13
والثانية القائلون بقدم العلم دون إله، والثالثة القائلون بقدم العالم وقدم الله، والرابعة القائلون بحدوث العالم بمدبرين أو أكثر. وهذه الفرق الأربع تتناول نظرية الوجود وهي المقدمة الثانية في بناء العلم النهائي، إثبات حدوث العالم وأن له صانعا ومدبرا،
14
صفحه نامشخص