من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
ژانرها
الفصل الثاني: بناء العلم
أولا: مقدمة
يمكن تصنيف مقدمات المؤلفات الكلامية كلها إلى نوعين: الأولى: مقدمات تاريخية مهمتها تقديم علم الكلام على أنه تاريخ عقائد أو تاريخ فرق أو تاريخ سياسي خالص، وهي مقدمات المصنفات المبكرة، والثانية: تقدم علم الكلام على أنه نظرية في العلم أو نظرية في الوجود، وهي مقدمات المصنفات المتأخرة؛ وبالتالي فالمصنفات الكلامية إما مصنفات في تاريخ العقائد والفرق، أو مصنفات في موضوع العلم ذاته بصرف النظر عن تاريخه.
1
وبتعبير معاصر نقول: الشعور إما تطوري أو بنائي. الشعور التطوري هو الشعور التاريخي حيث يظهر فيه العلم مرحلة مرحلة، إما كموضوع أو كجانب موضوع أو كأصل أو كمجموعة أصول، وهو ما سماه القدماء تاريخ الفرق، وهو الشعور الذي يسقطه المنهج التاريخي من حسابه عندما يصف المادة الكلامية على أنها تاريخ فرق محضة لا دخل للشعور فيها، في حين أن توالد الفرق بعضها من بعض يوحي بأن هناك جامعا بينها، هو الشعور التاريخي، أما الشعور البنائي فهو الشعور الذي يظهر فيه العلم كبناء متكامل بصرف النظر عن توالي العصور والأزمنة وأسماء الفرق وتوالدها وتتابعها، ويكون الشعور في هذه الحالة حاملا لأنماط مثالية توجد في كل حضارة، ويعود ظهورها في كل زمان ومكان، وبلغة ثقافتنا المعاصرة في التقائها مع الثقافات المجاورة يشار عادة فيها إلى الشعور التطوري بأنه تتابعي
Diachronique
وإلى الشعور البنائي بأنه تزامني
Synchronique
ولكن كمنهجين لدراسة الظواهر الإنسانية دون إدخال الشعور الحي في الحساب واستبدال بناء منطقي للذهن الإنساني به.
وتبعا لذلك يمكن عرض علم الكلام بطريقتين: الأولى: تتبع نشأته التاريخية وتطوره وتوالد الفرق بعضها عن بعض، سواء بالتبعية أو بالتضاد أو بالتفريع أو بالتطوير. والثانية: دراسة الموضوعات الكلامية وعرض الفرق من خلالها، وتكون دراسة فلسفية خالصة فيها تجتمع المقالات حول موضوعات أساسية.
صفحه نامشخص