از عقیده تا انقلاب (5): ایمان و عمل - امامت
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
ژانرها
66
والحقيقة أن تحقق الإمامة في التاريخ وإن اختلف فيها القدماء، فإنها لم تعد مشكلة اليوم أو مجالا للاختيار والتحزب. لم تعد الواقعة نفسها بذات دلالة إلا من حيث تحليل المواقف التاريخية في الدراسة العلمية للتاريخ، ورؤية أي المواقف كانت أكثر ثورية من الآخر طبقا للالتزام السياسي لروح هذا العصر. ولا يبرأ هذا التحليل من قراءة الحاضر في الماضي، ورؤية الواقع في التاريخ. ومع ذلك فالدخول فيه وكأننا طرف فيه هو هروب من العصر، ونقص في الالتزام، وابتعاد عن الاختيارات الأساسية فيه. حينئذ يكون الماضي تعويضا عن الحاضر، ويكون التاريخ مهربا.
67
رابعا: صفات الإمام وشروط الإمامة
تبدو أحيانا صياغة المسألة السياسية صياغة فردية، وذلك بالتركيز على صفات الإمام، وكأن النظام السياسي كله بما في ذلك من مؤسسات دستورية ونظم شعبية للرقابة تتحدد بل وتستنبط من صفات الإمام الفردية الطبيعية أو المكتسبة، سواء في التعيين بالنص أو في الاختيار بالعقد والبيعة، مع اختلاف في درجة التشخيص؛ ففي التعيين بالنص تكون الصفات أكثر تشخيصا وتأليها، مثل الخلود، والغيبة والرجعة، والعصمة والتقية، والعلم والتعليم، في حين أنه في الاختيار بالعقد والبيعة تكون الصفات أقل تشخيصا وأكثر إنسانية، مثل العلم والورع والشجاعة. الأولى تكليف بما لا يطاق، والثانية تدخل في حدود الطاقة الإنسانية. بل يستمر هذا النسق المتقابل في علم أصول الدين كله ابتداء من موضوعه الأول، وهو الذات، حتى موضوعه الأخير، وهو الإمامة. فالتجسيم والتشبيه والتشخيص يظهر في كل موضوع، يجعل الإنسان إلها، والحرية جبرا، والعقل سمعا، والعدل ظلما، والخير شرا، والعمل نظرا، والسياسة فردا. وقد استمر هذا النسق موروثا حتى الآن في وجداننا المعاصر في طبع النظام السياسي كله بشخصية القائد أو الزعيم أو الرئيس، بمزاجه وأهوائه وقدراته وطبعه. إذا حسن النظام فلحسن شخصه، وإذا ساء فلسوئها. ويظل الصراع بين القمة والقاعدة موروثا،
1
وبعد أن حسم لصالح القمة في الإلهيات وفي الإنسانيات، في العقليات وفي السمعيات. (1) هل هناك صفات للإمام؟
إذا كان القول بالنص والتعيين يؤدي إلى صفات للإمام تتجه نحو التأليه، وصفات فوق الطاقة البشرية تجعل من الإمام أكثر من إمام، فإن هذه الصفات في الحقيقة هي تعويض عما لحق بالأئمة من ذبح وتقتيل. وكلما زاد القهر والقمع ازدادت الصفات ألوهية، وازداد الإمام عظمة؛ كي يستأنف الكرة ويعود من جديد أقوى مما كان، ليهزم جحافل الظلم وجند الطاغوت. وهذه الصفات هي الخلود، والغيبة والرجعة، والعصمة والتقية، والعلم والتعليم. (1-1) الخلود والرجعة
والقول بالخلود والرجعة هو أكبر رد فعل على موت الإمام ظلما وقتله عدوانا؛ إذ يتحول الفناء المطلق إلى خلود مطلق، وينقلب الموت اللحظي إلى حياة أبدية دائمة مثل حال الشهيد، وتتحول رغبة العدو من إعدام للإمام المعارض إلى إثبات وجوده إلى الأبد، فينقلب الظالم على عقبيه، ويفوت الإمام على أعدائه تحقيق أغراضهم. الرغبة في الخلود إذن شيء طبيعي كرد فعل على الظلم ورغبة في النصر، واستعدادا للانتقام. فالهزيمة ليست نهائية، والحاضر ليس كل الزمان، وخسارة معركة ليست خسارة للحرب. فلا بد للعدل أن يسود على الظلم، ولا بد للحق أن يدحض الباطل، ولا بد للشرعية أن تعود لتمحق اللاشرعية. خلود الإمام إذن إحدى مقدمات نظرية الثورة على الحكم الظالم من أجل سيادة العدل، وإحقاق الحق، والعودة إلى الشرعية. الخلود تعبير عن الرغبة في الثورة، واستمرار القتال، وأمل في المستقبل، وثقة بالنصر. وتنشأ صور الخلود ابتداء من جدل الحس والخيال، والصراع بين الواقع والحلم؛ فبعد قتل الإمام في الواقع يظل حيا في الخيال.
2
صفحه نامشخص