از عقیده تا انقلاب (5): ایمان و عمل - امامت
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
ژانرها
42
وكما أن الله والإنسان شيء واحد، فكذلك الله والطبيعة شيء واحد، لا فرق بين الخالق والمخلوق في أسطورة الخلق حتى يكون الله قريبا من الطبيعة، وتكون هي قريبة من الله؛ فالتركيز على الروح يحيلها إلى روح شامل يضم الطبيعة، وصاحب الهدف يرى غايته في كل شيء. والخلق يكون من طبيعة الخالق، نورا في مقابل الظلمة، حقا في مواجهة باطل. كل مظاهر الطبيعة صفات له وآثار لقدرته، السحاب والريح والرعد والبرق. يتم الخلق بالكلمة وليس بالإرادة، كلمة الحق في مقابل كلمة النفاق. ويتم الكلام بالاسم الأعظم، وليس باسم الملوك والأمراء والسلاطين. فرض الخلق على غيره لأن غيره هو الخلق، وهو ذاته. الله يخلق من ذاته إلها يكون هو نفسه مثل المسيح.
43
والله جسم، موجود واقع مرئي، وذلك أن ضياع الواقع والأرض والدولة يتحول إلى وجود جسمي ملموس حق، فيكون الله جسما. الإمساك بشيء بدلا من فقده، والتمسك بشيء بدلا من تلاشيه. والجسم مكان تتلاقى فيه الأبعاد وليس مسطحا، له عمق فيبعد عن السطحية. يتكون من نور، أو نظائر مشعة، أو معادن معتمة؛ نظرا لاجتماع النور والظلمة في الجسم. إله يلمس ويمسك به تعبيرا عن رغبة الإنسان في الإمساك بالضائع والتمسك بالمفقود. يقوم ويقعد، يتحرك ويسكن، وليس موتا وثباتا. ما زال النشاط موجودا فيه تعبيرا عن الرغبة في المقاومة، واستمرار حياة النضال في مجتمع الاضطهاد؛ فالإرادة حركة، والحركة إرادة.
وتعويضا عن سلطان الدنيا وملك الأرض يكون الإنسان الإله ملكا على رأسه تاج، فإذا ما تكلم فإن التاج يقع من على رأسه من هيبة الكلام وقوة الصوت. الخير والشر نور وظلمة كونيان. تعبر لغة الملوك والتيجان عن الإمامة الضائعة والملك المفقود والحكم المغصوب. وهو على صورة إنسان؛ إذ إن الإنسان الضائع يتحول إلى إله عليه وفرة سوداء كالحصان العربي، وما يتصف به من قيم جمالية. النصف الأعلى مجوف حتى يمتلئ بالعلم والمعرفة. والمجوف أكثر شفافية من المصمت، وإن كانت المصمت أكثر صلابة. للأجوف رنين وصوت، وللمصمت سكون وموت. وهو مماس للعرش، لا وجود لمسافة بينهما تدل على عدم تطابق أو عدم تناسب؛ مثالا للعظمة والإحكام. تحمله الملائكة وهو أقوى منها، مثل الكركي تحمله رجلاه، تصويرا أقرب للناس وأقل تجريدا. له لون وطعم ورائحة، له مذاق، وليس كالماء، أو الإله المجرد، أو الطعم المائع الذي يصيب الإنسان بالقيء والغثيان. تنبع الحكمة من قلبه؛ مما يدل على العلم الضروري الفطري المغروز في النفس، وفي الوقت نفسه علم تجريبي بناء على خبرة العالم ومعرفة البشر وعرك الحياة. وبقدر ما يكون العلم باطنيا داخليا يكون أيضا تجريبيا خارجيا يتغير طبقا للأحداث، فتبدو أشياء ثم تتغير المعارف طبقا لتطور الواقع وتغير الأحداث، ويتم ذلك خارج الخطأ والصواب؛ فالمعرفة كشف للشيء، وما دام الشيء يتغير فالمعرفة كذلك، وهذا ما بدا في النسخ. وذلك تعليم للبشر للجمع بين العلمين القبلي والبعدي، الفطري والكسبي ، الضروري والنظري، الحدسي والاستدلالي.
44
لا فرق إذن بين القول بحدوث الصفات أو نفيها والقول بالتجسيم، كلاهما كفر.
45
ولكن هل التشبيه هو الإيمان؟ هل إثبات الصفات وقدمها هو الرأي الصائب، وما دونه هو الضلال؟ وما الفرق بين تشبيه الله بالإنسان وبأن يكون له وجه ويد وعين، وبين تجسيم الله في صورة إنسان يقوم ويقعد ويتحرك، والأمر في كلتا الحالتين يتجاوز اللغة والصورة الفنية إلى الشيء نفسه؟ وما الفرق بين تصور التجسيم لله على أنه جسم، وتصور التشبيه له على أنه جسم حي، لحم ودم وعظم؟ وهل السبب في استثناء الفرج واللحية نفاق السلاطين وتربية لحاهم، ثم فسادهم وانحلالهم وإطلاق العنان لفروجهم؟ إن الفرق بين التجسيم والتشبيه ليس فرقا في النوع، بل هو فقط في الدرجة. التجسيم أكثر صراحة من التشبيه، والتشبيه أكثر خوفا. كلاهما يقوم على تصورات الملأ والمحاذاة والبعد والتناهي والجهة والتحت والفوق والعلو والسفل.
46
صفحه نامشخص