از عقیده تا انقلاب (5): ایمان و عمل - امامت
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
ژانرها
37
أما ترتيب أئمة النحو واللغة، فهم أولا جميعا من الفرقة الناجية، ولا أحد منهم من الفرق الضالة، وكل تصانيفهم في الهجوم على المعارضة العقلية العلنية الداخلية. وإن كل من يجالسها أو يخالطها أو يصادقها أو يتأثر بها فهو مذموم مكروه مثلها، تهمة يجب الدفاع عنها. وأهل اللغة والأدب مثل الصوفية قريبون من العامة؛ فأذواق العامة في اللغة والأدب لا تقل عن أذواقها الصوفية؛ وبالتالي يمثل علماء اللغة والنحو سلطة أدبية يمكن بعدها الثقة بهم، وتصديق أحكامهم على أهل الأهواء.
38
وبالإضافة إلى هذا كله فإن كل أهل الثغور، أي حدود الأمة وأطرافها حيث تجب الحماية للداخل والصد للأعداء في الخارج، كلهم من عقائد الفرقة الناجية، وليس فيها من عقائد أهل الأهواء شيء؛ فحماية الأمة إذن تأتي من الفرقة الناجية، وخرابها يأتي من أهل الأهواء؛ وبالتالي كان جهاد أهل الثغور بالحجة والاستدلال ضد أهل الأهواء، وفي مقدمتهم القدرية، جزءا من الجهاد ضد الأعداء حماية للأمن وتحصينا لثغورها. الفرقة الناجية هم أهل الفكر والسلاح، والفرق الضالة هم أهل الهوى والخنوع! وهكذا يكتب التاريخ، ويفاضل بين العلماء، دفاعا عن السلطة ضد خصومها بعد أن لبست ثوب الفرقة الناجية، وألبست خصومها ثوب الفرق الهالكة.
39 (2-6) هل هناك تفضيل بين الأمم؟
وتنتهي مراتب التفضيل بالتفضيل بين الأمم واعتبار أمتنا أفضل الأمم،
40
ولكن السؤال: هل هي أفضل الأمم على الإطلاق، أم أنها كذلك مشروطة بشرط أو بشروط؟ فهي أفضل أمة لأن فيها تم اختتام الوحي وإنهاء مراحله المتتالية منذ خلق البشرية حتى الآن، فهي الأمة التي اكتملت فيها التجربة، ولديها رصيد الأمم الأخرى وتجاربها، هي نهاية تطور الوحي وخاتم النبوة؛ وبالتالي تمثل الوعي الإنساني المستقل القادر بعقله وبإرادته على أن يعتمد على نفسه دونما حاجة إلى عون خارجي في فهم الطبيعة أو في التأثير عليها؛ فهي أمة بلا وصاية ولا تبعية. هذا هو الشرط الأول. وهي خير أمة أخرجت للناس، ليس على الإطلاق، ولكن لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؛ أي إنها أمة قادرة على الرقابة، رقابة الشعب على الحكام، ورقابة المؤسسات الدستورية على الأجهزة التنفيذية، وتعلن عن ذلك على الملأ وفوق رءوس الأشهاد؛ فهي أمة حرة في التعبير عن الرأي والقول والعمل، لا تخشى في الله لومة لائم، لا تسكت عن الحق ولا ترضى بالظلم. وهذا هو الشرط الثاني. لم يفصل القدماء هذه المرتبة في التفضيل؛ لأن الأمم الأخرى كانت منضوية تحت الأمة الحضارية الجديدة، فلم تشعر بأهمية التفضيل قدر شعورها بالتفضيل مع الخصوم السياسيين. ومع ذلك يظل السؤال: إلى أي حد تستوفي الأمة حاليا هذين الشرطين، أم أنها الآن مغلوبة على أمرها تابعة وتحت الوصاية، وأن أمما أخرى غيرها استحقت هذه الشروط، وبالتالي تكون أفضل منها؟ (3) التوحيد بداية النهضة
إذا كان التفضيل بداية الانهيار، فإن التوحيد بداية النهضة؛ فبقدر ما توجد شواهد نقلية على سقوط الإمامة وانهيار الخلافة في التاريخ، توجد شواهد أخرى نقلية وعقلية وواقعية على تقدم التاريخ ونهضة الشعوب والاتجاه نحو المستقبل. وإن هذه الرؤية الأولى، الانهيار المستمر للتاريخ، إنما تولدت من شعور بالحزن والأسى على ما وقع في الأمة من فتنة وشقاق وتحول الخلافة إلى ملك، والإمامة إلى وراثة، وركون الناس إلى الدنيا، فكان من الطبيعي أن يخرج هذا التصور للتاريخ على أنه انهيار مستمر. وما أسهل بعد ذلك من وجود نصوص دينية بهذا المعنى حتى يحدث تطابق بين التجربة النفسية والنص الديني. ومع بدايات النهضة الحالية منذ حركات الإصلاح الديني الأخيرة، وحركات التحرر الوطني، ومحاولات التفكير في شروط النهضة، يبرز التوحيد من جديد مرتبطا بالنهضة كرؤية للتاريخ مخالفة للرؤية الأولى، التاريخ كتقدم واتجاه نحو المستقبل، وأنه في الإمكان أبدع مما كان، وأن هناك مجالا للسبق، فالسابقون السابقون، لمن شاء منا أن يتقدم أو يتأخر. (3-1) الإنسان والتاريخ
كشفت محاولة إعادة بناء علم أصول الدين عن وجود بعدين رئيسيين فيه، هما الإنسان والتاريخ، وهما البعدان الناقصان أيضا في وجداننا المعاصر. وقد يكون تغليفهما في علم التوحيد القديم هو السبب في اختفائهما من وجداننا المعاصر.
صفحه نامشخص