از عقیده تا انقلاب (3): عدالت
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
ژانرها
283
وكما تكون القدرة قدرة على المتماثلات فإنها تكون أيضا قدرة على المختلفات. ولا يعني الاختلاف هنا اختلافا في الباعث أو القصد أو الغاية، بل تباين عديد من البواعث والمقاصد والغايات وتفاوت درجاتها من حيث القيمة والشرف؛ فالقادر على منفعة فرد بعينه قادر على منفعة المجموع طبقا لمدى وقوة الباعث وكمال القصد.
284
وكما أن القدرة تأتي بالمتماثلات والمختلفات، فإنها تتعلق أيضا بالمتضادات. ولا يعني التضاد هنا أن الإنسان قادر على إتيان الشيء ونقيضه؛ لأن الغاية توجه السلوك نحو القصد. ورسالة الإنسان ذات خط واحد تعبر عن طبيعته ووجوده، بل تعين إثباتا للحرية لأنه لو لم يكن الإنسان قادرا على الشيء وضده لكان مجبرا على الشيء وغير قادر على سواه. إثبات القدرة على الضد ضرورة نظرية لإثبات الحرية، ثم تأتي الطبيعة فتقدر عمليا على فعل الشيء المحدد بالغاية.
285
وقد تكون القدرة على الضدين لاتحاد الباعث والغاية والقصد واختلاف الوضع. القدرة على حب الشعب المضطهد قدرة على كراهية الطاغية. والقدرة على حب العدل قدرة على كراهية الظلم. والقدرة على فعل الإيمان في واقع مبني على الإيمان قدرة على مقاومة الكفر في واقع يدعو إلى الكفر. فإذا كانت القدرة قدرة على شيء واحد لا على ضده يكون ذلك وصفا للفعل الموجه الذي لا يتغير ولا يتبدل ولا يتوقف والذي يعبر عن رسالة الإنسان وطبيعته ومقصده وغايته. إذا كان الموقف نابعا من طبيعة الإنسان فلا يستطيع الإنسان أن يغير طبيعته. أما إذا استوى الطرفان، فإن الدافع الأقوى هو الذي سيحدد أي الفعلين.
286
وقد يطرح السؤال بالنسبة للترك أيضا: هل ترك الشيء هو فعل ضده؟
287
والقول بأن القدرة على الشيء هي أيضا قدرة على تركه في حال حدوثه قول مبدئي خالص حتى تكون الحرية ممكنة نظريا. لو لم يكن الإنسان قادرا على الفعل والترك لما كان حرا. الترك هنا دليل على الحرية. والفعل بلا ترك قد يوقع في الجبر. وقد تكون القدرة على الامتناع عن الفعل أكثر تعبيرا عن الاستطاعة والحرية من القدرة على إتيان الفعل. القدرة هي قدرة على الفعل وعلى عدم الفعل. بل إن عدم ذاته نوع من الفعل لأنه إحجام عنه.
صفحه نامشخص