از عقیده تا انقلاب (3): عدالت
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
ژانرها
185
ولما كانت القدرة، في نظرية الكسب، مخلوقة في الإنسان من الخارج، فإن الفعل الإنساني لم يعد داخلا في نطاق القدرة الطبيعية، ومن ثم يجوز أن يأتي الإنسان بفعل أكثر من طاقته الطبيعية ما دامت القدرة اللازمة لذلك قد خلقت فيه. يجوز إذن التكليف بما لا يطاق، وأن تكون الاستطاعة أقل من التكليف. وهذا هدم لأساس التكليف وتقويض لأساس التشريع وقضاء على أساس الاستحقاق بالمدح والذم؛ فقد قام التكليف على أنه لا تكليف بما لا يطاق. وكل ما يتجاوز حدود الطاقة الإنسانية لا يدخل ضمن الفعل الإنساني. وتكليف ما لا يطاق بدنيا مستحيل. كيف يستطيع الإنسان تحريك جبل بأصبعه أو إمساك القمر بقبضته؟ التكليف بما لا يطاق لا يجعل هذا العالم أفضل العوالم الممكنة.
186
أما أفعال الشعور مثل الإيمان والعلم والاعتقاد، فإنها أيضا لا تحدث إلا داخل حدود الطاقة والاستعداد؛ فالقادر على علم شيء لا يقدر على علم كل شيء، ولا يوجد علم مسبق بما سيحدث في المستقبل إلا بطريق التنبؤ، وهو احتمال خالص؛ ومن ثم التكليف بالرسالة واقع على البشر سواء فهم من حققها أو لم يحققها. صحيح أن الإنسان في موقف، والموقف يعطيه البواعث ولكن ذلك لا يعني أن الموقف والبواعث معا أكبر من طاقة الإنسان وأنها ضد التكليف بالضرورة. ويمكن للإنسان بحريته تحويل الموقف لصالحه.
187
وماذا يحدث لو خلقت القدرة على فعل شيء ليس الإنسان مستعدا له أو قادرا عليه؟ لو حدث ذلك لفعل الإنسان ضد طبيعته وضد قدرته؛ وبالتالي تضيع حريته الذاتية وتصبح أفعاله مملاة عليه من الخارج وفوق حدود الطاقة.
188
وإذا جاز لأفراد قلائل لحماسهم للرسالة ولشدة الباعث على الفعل القيام بأعمال تكون في حكم العادة خارقة للعادة، كما يحدث ذلك من عباقرة التاريخ وأبطال الشعوب فإن هذه الأفعال تدخل في حدود الطاقة، ولكنها الطاقة الفردية والجماعية المتميزة، وهي ما تسمى بلغة التشبيه إتيان المعجزات أو القيام بالمستحيلات. ولكن في نظرية الكسب ما دام المؤله المشخص هو الفاعل فلم لا يجوز التكليف بما لا يطاق؟ الله هو الفاعل وهو المكلف وما الإنسان إلا قناع وحاشية.
إن شرط حرية الأفعال أن تكون الاستطاعة قبل الفعل وليس معه؛ لأن الفعل في حاجة إلى تخطيط وتدبر مسبق. ليست كل الأفعال بنت التو واللحظة .
189
صفحه نامشخص