از عقیده تا انقلاب (3): عدالت
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
ژانرها
152
لا يعني اختلاف الألسنة والألوان وجود قدرة مشخصة خارجية جعلت الألوان والألسنة متباينة على هذا النحو؛ فتباين الألوان يرجع إلى درجة بعد الجماعة البشرية عن الشمس، وتباين الألسنة يرجع إلى اختلاف نشأة اللغة حتى لو كانت لغة الوحي توفيقا. لقد حدث ذلك مرة واحدة ولم يتكرر بوجود أول إنسان على الأرض، وهذا الحال ليس حالنا، نحن بقية البشر.
153
وما المقصود في النهاية، نفي قدرة الإنسان من أجل رفض مشاركة أحد مع المؤله المشخص في فعله أم إثبات قدرة الإنسان ورفض مشاركة أي أحد مع الإنسان في فعله؟ ما المطلوب في النهاية؟ إثبات قدرة الإنسان حتى لو كان ذلك بنفي قدرة الغير أم قدرة غيره حتى ولو كان ذلك بنفي قدرة الإنسان؟ حرية الإنسان أم حرية غيره حتى ولو كان ذلك بالقضاء على حرية الإنسان؟ وكيف تثبت إرادة الإنسان وقدرته وفعله وحريته مع قرار مسبق بأنه لا شيء مخلوق له الخيار في أمره في عالم ليس له؟ وإذا كان القرار المسبق هو الحل فلماذا وضع السؤال؟ (2-3) القدرة والاستطاعة
تثبت نظرية الكسب القدرة بإثبات التفرقة بين الحركة الاختيارية والحركة الاضطرارية. وتثبت القدرة كواقعة للإنسان كما تثبتها تجربة الفعل الحر. ولكن نظرية الكسب لا تجعل القدرة من نفس الفاعل، بل من مصدر خارجي. وترفض إحالة التفرقة إلى ثبوت الإرادة أو البواعث أو صفة في الجارحة أو بنية مخصوصة. ولكن ما فائدة إثبات قدرة للإنسان ثم نفي أن الإنسان مصدرها؟ إن ذلك كمن يعطي شيئا بيد ويأخذه باليد الأخرى. يثبت الكسب الاستطاعة ولكنه لا يجعلها من الإنسان بل من مصدر خارجي.
154
والقدرة في الكسب صفة متميزة عن البدن؛ لأنها من خلق فاعل خارجي. ليس المزاج أو الاستعداد البدني بل صفة توجد في البدن دون أن تكون هي البدن، صفة مخلوقة من الخارج. والحقيقة أن القدر مجموع لاستطاعات البدنية والنفسية والاجتماعية لأن الفعل مرهون بالبدن وبالباعث والموقف الاجتماعي في آن واحد.
155
وقد يشار إلى القدرة أحيانا بلفظ آخر أخص، وهو الاستطاعة، والاستطاعة مخلوقة في الإنسان من الخارج مثل القدرة. الإنسان مستطيع باستطاعة هي غيره. وهذا يماثل ما يقال في الفكر الديني الإلهي من إثبات ذات المؤله المشخص وإثبات صفات هي غيره. وهذا غير صحيح. فإذا كان العجز نقيض القدرة فكون الإنسان عاجزا مرة لا يعني أنه مستطيع باستطاعة غيره بل لآفة في الجارحة أو لضعف في الباعث أو لعدم وجود باعث على الإطلاق أو لتقييد حركته. ولو كان ذلك كله يسمى الغير يكون الغير مرتبطا بالبدن أو بالنفس أو بالذهن، وذلك ليس خارجا عن الإنسان.
156
صفحه نامشخص