از عقیده تا انقلاب (3): عدالت
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
ژانرها
وكيف يتخلى الله عن مسئولية فعل القبائح والشرور بدعوى التنزيه؟ وكيف يدين الله الحبيب؟ وكيف يكون الله أنانيا يحتفظ لنفسه بالخير ويترك للإنسان الشر؟ ألا يكون الإنسان في هذه الحالة أكثر ألوهية من الله بتحمله المسئولية كاملة عن الشرور، وبتضحيته بالذات في سبيل الآخر، وبغيرته وإيثار الآخر على النفس؟ إن جعل المعبود مسئولا عن الطاعات والإنسان مسئولا عن المعاصي قسمة قائمة على الطهارة بالنسبة للمعبود وبالقسوة بالنسبة للإنسان. وأن جعل الذات المشخصة المطلقة مسئولة عن الأفعال الإيجابية دون السلبية تطهر وتنزيه للحبيب من الشر وإلصاق للشر بالإنسان خاصة لو كان ذلك يحدث بعد الإتيان بالفعل. إن كان خيرا أعطي للمطلق وإن كان شرا ترك للإنسان. ولماذا لا يكون الإنسان مصدرا للخير ويكون مصدرا للشر وحده؟ وكيف يتم فعل باتهام الذات وتعذيبها المستمر؟ وكيف يتم خلق وإبداع والإنسان محبط مهان مذنب؟
26
والحلول المتوسطة في الحقيقة أقرب إلى الجبر منها إلى الاختيار. ولا تعتمد على الحجج النقلية لأن حجج الطرفين موجودة، ولكنها تعبر عن مجرد الرغبة في إثبات شرعية الموقفين: النظرية لله والعملية للإنسان والرغبة في المصالحة بين الموقفين المتقابلين. كما تكشف عن الرغبة في تأكيد عاطفة الإيمان وضرورة العقل والفعل، رغبة في الحسنيين، وكأنها مصالحة بين فريقي الأمة توحيدا للفكر وحماية لها من الفتن والشقاق. وقد تكون محاولات التوقيف مجرد صياغات في العبارة بلا مضمون أو اتساق وكأن الأمر مجرد صياغة بيان سياسي يرضي كل الأطراف، ويحقق كل المصالح والذي ينتهي في النهاية بألا يحقق أحد منها بعد ما يفسره كل طرف على هواه. فالله أراد المحدثات دون أن يسميها كفرا ومعصية، أي الإبقاء على المبدأ العام دون الوقائع المحددة، مثل الحديث عن حقوق شعب دون الحديث عن أرض أو حدود أو هوية أو استقلال أو سيادة.
27
وعادة ما يصعب التوفيق بين أي طرفين عن طريق الالتقاء في المنتصف مثل التوفيق بين حرية الأفعال وصفات الإرادة أو أسماء الذات، فأفعال الناس إما أن تكون حرة أو لا تكون. ينتهي التوسط إلى تأجيل الصراع وليس إلى إلغائه، فيتفجر بعد ذلك. ولا يبقى إلا احتواء أحد الأطراف للآخر عن طريق التأويل. (3) أفعال الشعور الداخلية أفعال حرة
لما كان إثبات الصفات أحد بواعث نفي خلق الإنسان لأفعاله، فإن نفي الصفات يكون أحد بواعث إثبات خلق الإنسان لها ومسئوليته عنها؛ هناك إذن صلة بين التوحيد والعدل تتمثل في إثبات الصفات لله ونفي الأفعال للإنسان أو في نفي الصفات لله وإثبات الأفعال للإنسان. هذا هو النسق الدائم إلا إذا كان في غمرة الحماس للنفي يتم نفي الصفات والأفعال معا، وهو النفي الغاضب المبدئي الذي تنفى فيه صفات الله وأفعال الإنسان معا.
28
وقد يكون السبب في ذلك هو نقل صورة المعبود على الإنسان، واعتبار الحرية صفة للذات الإنسانية، فكما أنكرت صفات المعبود تنكر أيضا صفات العابد. (3-1) نفي صفات العلم والقدرة والإرادة
ومن الصفات التي يتم نفيها خاصة العلم والقدرة والإرادة، لما كانت الحياة شرطا للعلم ولما كان السمع والبصر والكلام أيضا من مظاهر العلم، سواء المعرفة الحسية، السمع والبصر، أو التعبيرات اللغوية في الكلام. والحقيقة أن نفي الصفة لإنفاذ الفعل إنما هو إثبات لحق الله النظري وحق الله العملي. فهناك فرق بين ما هو نظري شرعي وما هو واقعي حسي. فالصفة المطلقة سواء كانت العلم أو القدرة أو الإرادة حق نظري شرعي لله، وحرية الأفعال حق عملي حسي للإنسان ولا تعارض بين الاثنين. فبالنسبة لصفة العلم، علم الله علمان: علم قبلي استنباطي عن طريق المبادئ العامة، وعلم بعدي استقرائي عن طريق الوقائع الجزئية؛ فالإيهام بالجبر أو بالكسب إنما ينطلق من العلم الأول الشامل الذي لا تغيب عنه الجزئيات قبل وقوعها بينما ينطلق واقع الحرية من العلم الثاني بالأفعال بعد تحققها. العلم المطلق لا يحتاج إلى وقائع؛ فهو علم صفة لا علم وجود.
29
صفحه نامشخص