أخبرنا عبد الرحمن بن علي، أخبرنا عبد الملك الكروخي، أخبرنا عبد الله ابن محمد الأنصاري، حدثنا أبو يعقوب، أخبرنا أبو علي بن أبي بكر المروزي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي البخاري، قال: سمعت محمد بن إبراهيم البوشنجي، يقول: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: دعوت ربي ثلاث دعوات، فتبينت الإجابة في ثنتين، دعوته أن لا يجمع بيني وبين المأمون، ودعوته أن لا أرى المتوكل، فلم أر المأمون ومات بالبذندون وهو نهر الروم وأحمد محبوس بالرقة، حتى بويع المعتصم بالروم، ورجع فرد أحمد إلى بغداد في سنة ثمان عشرة ومائتين، والمعتصم امتحنه. وأما المتوكل فإنه لما أحضر أحمد دار الخلافة ليحدث ولده، قعد له المتوكل في خوخة، حتى نظر إلى أحمد ولم يره أحمد.
أخبرنا عبد الرحمن بن علي، أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم، أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري، أخبرنا أبو يعقوب، حدثني جدي، حدثنا محمد ابن أبي جعفر المنذري وأبو أحمد بن أبي أسامة، قالا: سمعنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، يقول: أخذ أحمد أيام المأمون ليحمل إلى المأمون ببلاد الروم، فبلغ أحمد الرقة، مات المأمون بالبذندون قبل أن يلقاه أحمد، وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين. فأخبرني أبو العباس الرقي -وكان من حفاظ أهل الحديث أنهم دخلوا على أحمد بالرقة وهو محبوس، فجعلوا يذكرونه ما يروى في التقية من الأحاديث، فقال أحمد: وكيف تصنعون بحديث خباب: ((إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار، ثم لا يصده ذلك عن دينه)). قال: فيئسنا منه، فقال أحمد: لست أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتلا بالسيف، إنما أخاف فتنة السوط. وأخاف ألا أصبر. فسمعه بعض أهل الحبس وهو يقول ذلك، فقال: لا عليك يا أبا عبد الله، فما هو إلا سوط ثم لا تدري أين يقع الثاني، فكأنه سري عنه، ورد من الرقة وحبس.
صفحه ۴۰