هذا الكتاب
وهذا الكتاب الذي بين يديك الكريمتين يعد من أهم الكتب في تفسير القرآن الكريم، وقد تميز بأبحاثه الكثيرة، ومسائله العديدة.
وقد سلك فيه مؤلفه رحمه الله تعالى مسلكا رائعا، ومنهجا فريدا، حيث مزجه بتفاسير الأئمة المتقدمين والمتأخرين، وضمنه بحوثا رائعة احتوت مسائل هامة جدا.
وإذا كان للتفسير طرقه وأنواعه، فإن للمؤلف رحمه الله تعالى طرقا خاصة وابتكارات رائعة، ففي الوقت الذي نرى فيه أن كل مفسر سلك نوعا من أنواع التفسير وطريقة من طرق التأليف والتصنيف، فمنهم من فسر بالمأثور، ك(ابن كثير) و(الطبراني)، ومنهم من فسر التفسير الكلامي ك (الرازي) ومنهم من فسر التفسير البياني ك(الزمخشري) و(البيضاوي)، وغيرهم. ندرك أن مؤلف هذا الكتاب قد جمع بين هذه الأنواع من التفاسير، مع ملاحظة عدم الوقوع فيما وقع فيه بعضهم من الهفوات والفلتات.
ففي التفسير بالمأثور: ذكر الروايات الصحيحة وفند الروايات الضعيفة التي تساهل فيها بعض من فسر بالمأثور.
وفي التفسير الكلامي: ناقش المواضيع العقدية والكلامية، وأوضح كيفية فهمها، وفند شبها وقع فيها بعض من فسر كلاميا ك(الرازي).
وأما التفسير البياني: فقد وضع معنى كل آية، ووجه بيانها بعيدا عن التطويل.
ومن الملاحظ أنه جمع بين هذه الأنواع من التفاسير في تفسير واحد، وعلى هذا فقد شارك كل مفسر فيما تميز به ولم يشاركوه فيما تميز به، وتفرد بذكره ومناقشته.
وقد أودعه من الأبحاث العقائدية، والمناقشات الكلامية، والمسائل الفقهية، بما لا نستطيع وصفه، فما من موضوع حارت فيه الأفكار أو مسألة وقف عندها النظار، إلا وذكرها بأكثر مما ذكروها، وشرحها بأحسن مما شرحوها، سالكا فيها مسالك الإنصاف، متجنبا مزالق التعصب والإعتساف.
ومن كثرة إثرائه للمواضيع، واستقصائه للأدلة، أصبحت كل مسألة أو موضوع جدير بأن يكون كتابا مستقلا بذاته.
صفحه ۹