232

وقال (أبو هريرة): وهو أحد قولي الشافعي يجهر به إذ كان صلى الله عليه وآله وسلم يجهر به وإلا لما سمع، وعن الشافعي هو مخير، وفي (الإملاء) إن الجهر عنده أولى، وقال الرازي: إن ألحقناه بالافتتاح أسر، وإن ألحقناه بالفاتحة لزم الجهر.

قلت: لعله أراد فيما يجهر بالفاتحة فيه قال: إلا أن مشابهته للافتتاح أتم لكونهما نافلتين عند الفقهاء، ولأن الجهر صفة وجودية، والإخفاء عبارة عن عدمها، والأصل العدم.

وقال الداني: لا أعلم خلافا بين أهل الأداء في الجهر بها عند افتتاح القراءة وعند الابتداء برؤوس الآي أو غيرها اتباعا للنص، واقتداء بالسنة، وأطلقه غيره أيضا، وقيده أبو شامة وغيره بما إذا كان بحضرته من يسمع قراءته؛ لأن الجهر إشعار بالقراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد، فإذا سمع الحاضر التعوذ أنصت للقراءة من أولها فلا يفوته شيء، وهذا قيد حسن، ويدل عليه أن الله أمر بالاستعاذة ولم يعين سرا ولا جهرا.

قال في (غيث النفع): ولا أعلم خلافا أن من تعوذ سرا فقد امتثل أمر الله تعالى، ولأن المطلوب بالاستعاذة يحصل بالسر كما يحصل بالجهر، ولأنها دعاء والسنة إخفاء الدعاء، قيل: وهذا المعنى -أعني كون الحاضر إذا سمع التعوذ أنصت للقراءة من أولها- هو الفارق بين القراءة في الصلاة وخارجها، والمراد بالإسرار الإخفاء عند الجمهور فلا بد من التلفظ، وقيل: بل الكتمان فلا يلفظ بها، بل يذكرها بقلبه، قلنا: خلاف ما وردت به السنة.

صفحه ۲۳۲