223

الركن الرابع: المستعاذ منه وهو الشيطان

والمقصود دفع شره من الوسوسة وغيرها من همزه ونفخه وخدعه ونحوها، ويتعلق بهذا الركن مسألتان:

المسألة الأولى: دلت الاستعاذة على وجود الشيطان؛ إذ المعدوم لا يكون منه فعل فيستعاذ منه، والكتاب والسنة ناطقان بوجوده، وذلك معلوم.

المسألة الثانية: في الحكمة في خلق إبليس، وتخليته وتمكينه من إغواء العباد، وإنزال الضرر بهم كما يقتضيه قوله تعالى: {كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس }[البقرة:275]، والذي يجري على قواعد العدلية أن وجه الحكمة في ذلك أنه زيادة في التكليف، وذلك أدخل في باب الثواب، إذ الثواب على قدر المشقة، ولا شك أن هذا الوجه يقتضي حسن هذا التمكين كما يقتضي حسن التكليف.

قال الإمام (أحمد بن سليمان) عليه السلام : وقد يمكن أن يكون إضلال الشيطان للإنسان بالإرسال من الله والتخلية عقوبة للإنسان على معصيته، قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا}[النساء:137].

وقال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين}[الزخرف:36].

وأما تمكينه من إنزال الضرر فكسائر وجوه الابتلاء من الأمراض والمصائب، وخلق الحيات والعقارب، ووجه الحكمة في ذلك ما فيه من التعريض على الخير بالصبر على البلوى والمحنة، فإن قلت: إذا كان وجه الحكمة في تمكين إبليس من الإغواء هو ما ذكرتم من زيادة مشقة التكليف التي يعظم معها الثواب، فهل يحسن من الله تمكينه من إضلال من لو لم يدعه إلى الضلال لم يضل؟

صفحه ۲۲۳