رَسُول الله ﷺ مصيبا لِأَن الله تَعَالَى كَانَ يرِيه، وَإِنَّمَا هُوَ منا الظَّن والتكلف. وَأخرج بِسَنَدِهِ عَن الشّعبِيّ أَن رَسُول الله ﷺ كَانَ يقْضِي بِالْقضَاءِ وَينزل الْقُرْآن بِغَيْر مَا قضى فيستقبل حكم الْقُرْآن وَلَا يرد قَضَاءَهُ الأول. وَاحْتج من ذهب إِلَى أَنه لم يسن إِلَّا بِأَمْر الله إِمَّا بِوَحْي ينزله عَلَيْهِ فيتلى على النَّاس، أَو برسالة ثَابِتَة عَن الله أَن افْعَل كَذَا بقوله ﷺ فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي قصَّة الزَّانِي: "لأقضين بَيْنكُم بِكِتَاب الله" ثمَّ قضى بِالْجلدِ والتغريب وَلَيْسَ التَّغْرِيب فِي الْقُرْآن، وَبِمَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن يعلى بن أُميَّة: "أَن النَّبِي ﷺ كَانَ بالجعرانة١ فَجَاءَهُ رجل عَلَيْهِ جُبَّة متضمِّخ٢ بِطيب وَقد أحرم بِعُمْرَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي رجل أحرم بِعُمْرَة فِي جُبَّة بَعْدَمَا تضمخ بِطيب؟ فَنظر إِلَيْهِ النَّبِي ﷺ سَاعَة ثمَّ سكت فَجَاءَهُ الْوَحْي فَأنْزل الله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه﴾ ِ ثمَّ سرى٣ عَنهُ فَقَالَ: "أَيْن الَّذِي سَأَلَني عَن الْعمرَة آنِفا؟ أما الطّيب الَّذِي بك فاغسله ثَلَاث مَرَّات، وَأما الْجُبَّة فانزعها ثمَّ اصْنَع فِي عمرتك مَا تصنع فِي حجك".
ثمَّ أخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ عَن طَاوس "أَن عِنْده كتابا من
_________
١ - هُوَ مَوضِع قريب من مَكَّة وَهُوَ فِي الْحل وميقات الْإِحْرَام
٢ - التضمخ: التلطخ بالطيب وَغَيره والإكثار مِنْهُ
٣ - أَي زَالَ وكشف
1 / 15