بَيَان وُجُوه السّنة: قَالَ الشَّافِعِي ﵁: وَسنة رَسُول الله ﷺ من ثَلَاثَة أوجه، أَحدهَا: مَا أنزل الله فِيهِ نَص كتاب فسن رَسُول الله ﷺ. بِمثل نَص الْكتاب. وَالثَّانِي: مَا أنزل الله فِيهِ جملَة كتاب فَبين عَن الله معنى مَا أَرَادَ بِالْجُمْلَةِ، وأوضح كَيفَ فَرضهَا عَاما أَو خَاصّا، وَكَيف أَرَادَ أَن يَأْتِي بِهِ الْعباد. وَالثَّالِث: مَا سنّ رَسُول الله ﷺ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ نَص كتاب، فَمنهمْ من قَالَ جعله الله لَهُ. بِمَا افْترض من طَاعَته وَسبق فِي علمه من توفيقه لرضاه أَن يسن فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَص كتاب. وَمِنْهُم من قَالَ لم يسن سنة قطّ إِلَّا وَلِهَذَا أصل فِي الْكتاب كَمَا كَانَت سنته، كتبيين عدد الصَّلَاة وعملها على أصل جملَة فرض الصَّلَاة، وَكَذَلِكَ مَا سنّ فِي الْبيُوع وَغَيرهَا من الشَّرَائِع، لِأَن الله تَعَالَى ذكره قَالَ: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ وَقَالَ: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ فَمَا أحل وَحرم فَإِنَّمَا بيَّن فِيهِ عَن الله كَمَا بَين فِي الصَّلَاة وَمِنْهُم من قَالَ: بل جَاءَتْهُ بِهِ رِسَالَة الله فأثبتت سنته بِفَرْض الله تَعَالَى وَمِنْهُم من قَالَ: ألْقى فِي رُوعه كل مَا سنّ وسنته الْحِكْمَة الَّتِي ألقيت فِي رُوعه عَن الله تَعَالَى. انْتهى بِلَفْظِهِ.
ثمَّ أخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ على الْمِنْبَر: يَا أَيهَا النَّاس إِن الرَّأْي إِنَّمَا كَانَ من
1 / 14