ومن جملة قوانين التحقيق المدركة كشفا وشهودا، العظيمة الجدوى لسريان حكمها في مسائل شتى من أمهات المسائل العزيزة، وهو ان كل ما لا تحويه الجهات وكان في قوته ان يظهر في الاحياز، فظهر بنفسه أو توقف ظهوره على شرط أو شروط عارضة أو خارجة عنه، ثم اقتضى ذلك الظهور (1) واستلزم انضياف وصف أو انضياف أوصاف إليه ليس شئ منها يقتضيه لذاته، فإنه لا ينبغي ان ينفى عنه تلك الأوصاف مطلقا ويتنزه عنه وتستبعد في حقه وتستنكر، ولا ان تثبت له أيضا مطلقا ويسترسل في اضافتها إليه، بل هي ثابتة له بشرط أو شروط ومنتفية عنه كذلك، وهى له في الحالتين، وعلى كلا التقديرين أوصاف كمال لا نقص لفضيلة الكمال المستوعب والحيطة والسعة التامة مع فرط النزاهة والبساطة، ولا يقاس غيره مما يوصف بتلك الأوصاف عليه لا في ذم نسبى - ان اقتضاه بعض تلك الأوصاف التي يطلق عليه لسان الذم أو كلها - ولا في محمدة، فان نسبة تلك الأوصاف واضافتها إلى ذات شأنها ما ذكرنا تخالف نسبتها إلى ما يغايرها من الذوات والشروط اللازمة لتلك الإضافة، يتعذر وجدانها في المقيس عليه، وهذا الامر شائع في ما لا يتحيز، سواء كان تحققه بنفسه - كالحق سبحانه وتعالى - أو بغيره - كالأرواح الملكية وغيرها من المتروحين - وهذه قاعدة من عرفها وكشف له عن سرها، عرف سر الآيات والاخبار التي توهم التشبيه عند العقول الضعيفة واطلع على المراد منها، فسلم من ورطتي التأويل والتشبيه وعاين الامر كما ذكرنا مع كمال التنزيه، وعرف أيضا سر تجسد الأرواح الملكية وكون جبرئيل وميكائيل يبكيان ويحملان السلاح للحرب، ويسع كلاهما أو أحدهما في أيسر جزء من الأرض - كحجرة عائشة وغيرها من البقاع - هذا مع اتفاق
صفحه ۱۸