Meditations
تأملات
پژوهشگر
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٩٧٩م.
محل انتشار
دمشق سورية
ژانرها
عاجز عن التصرف في الإمكانيات لحلها، فعجزي إذن مزدوج وليس عجزًا بسيطا.
فحينما نعالج مشكلة النظافة في الشوارع مثلًا، فإننا نرجعها إلى إهمال المواطنين وتهاونهم، وهذا صحيح ومن ثم فإنني أشعر بنصيبي في التفريط. فانا أحد المسؤولين الذين يحملون جزءًا من هذا التفريط، غير أني حينما أعالج هذه المشكلة بزيادة عدد سلال المهملات في الشوارع فقط، فإنني أشعر بخطئي في حل المشكلة حلًا صحيحًا. فإن السلال الزائدة إذا كانت تصلح لمجتمع معين، فإنها في مجتمع كالمجتمع العربي مثلًا، أرى بعد خبرة دامت ثلاثين عامًا أن هذا الحل حل نظري، فهو تكديس لعدد آخر من سلال الهملات. ودليلي على ذلك أنني شاهدت في كثير من شوارعنا عددا كبيرًا من سلال المهملات، ولكنها شبه فارغة ومن حولها الأرض ملأى بالمهملات.
فالقضية إذن ليست قضية أدوات ولا إمكانيات، إن القضية كانت في أنفسنا، إن علينا أن ندرس أولًا الجهاز الاجتماعي الأول وهو الإنسان، وليست السلال وغيرها؛ فإذا تحرك الإنسان تحرك المجتمع والتاريخ، وإذا سكن سكن المجتمع والتاريخ (١). ذلك ما تشير إليه النظرة في تاريخ الإنسانية منذ أن بدأ التاريخ، فنرى المجتمع حينًا يزخر بوجود النشاط وتزدهر فيه الحضارة، وأحيانًا نراه ساكنًا لا يتحرك يسوده الكساد وتغمره الظلمات.
وهل هذه المظاهر غير تعبير عن حركة الإنسان أو ركوده؟
على أنني حينما أرى في حركة التاريخ حركة الإنسان وفي ركودِه ركودَه،
فإن ذلك يضعني أمام مشكلة تتصنف تحت عنوان الفعالية، فعالية الإنسان في التاريخ. فما هي شروط هذه الفعالية؟ وللجواب على هذا السؤال لا بد أن نوضح ما نعني بالتاريخ وبالإنسان.
(١) إلى هنا ينتهي الجزء المسجل.
1 / 129