Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript

Ibrahim ibn Ali al-Nu'mani d. 898 AH
48

Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript

مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

ناشر

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

محل انتشار

https

ژانرها

على باب وقت الظُّهر للاهتمام به، وقال شيخنا: لأنَّ لفظ الإبراد يستلزم أن يكون بعد الزَّوال لا قبله؛ إذ وقت الإبراد هو ما إذا انحطَّت قوَّة الوهج من حرِّ الظَّهيرة، فكأنَّه أشار إلى أوَّل وقت الظُّهر، أو أشار إلى حديث جابر بن سَمُرَة قال: كان بلال يؤذِّن الظُّهر إذا دحضت الشَّمس. أي مالت ٥٣٣ - ٥٣٤ - قوله: (حَدَّثَنَا أيُّوْبُ بنُ سُلَيْمَان بنِ بِلَالٍ) أي المدني، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ) أي عبد الحميد بن أبي أُويس الأَصْبَحي، توفِّي سنة ثنتين ومائة. قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ) أي ابن بلال والد أيُّوب المذكور. قوله: (قَالَ صَالِحٌ) أي ابن كيْسان. قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ) أي عبد الرحمن بن هُرمُز. قوله: (وَغَيْرُهُ) أي غير الأعرج، قال شيخنا: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن فيما أظنُّ، وقد رواه أبو نُعَيم في «المستخرج» من وجه آخر عن أيُّوب بن سُلَيمان فلم يقل فيه: وغيره. انتهى. قوله: (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ) أي عبد الرحمن بن صخر ﵁. قوله: (وَنافِعٌ مَولَى عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ) بالرفع عطف على الأعرج. قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ) أي ابن الخطَّاب ﵄. قوله: (أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ) أي أبو هريرة وابن عُمَر. في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وبصيغة التثنية من الماضي في موضع واحد، وفيه العنعنة في أربع مواضع، وفيه القول في ثلاث مواضع، وفيه أنَّ رواته كلُّهم مدنيُّون، وفيه صحابيان وثلاثة من التَّابعين، وهم صالح بن كَيْسان، فإنَّه رأى عبد الله بن عُمَر، قاله الواقدي والأعرج ونافع، وفيه أنَّ أبا بكر من أقران أيُّوب، وفيه أنَّ أيُّوب روى عن والده سُلَيمان هنا بواسطة، قال شيخنا: تارة يروي عنه بواسطة، وتارة بلا واسطة. انتهى. قوله: (عَنْ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ إنَّه قَالَ: إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ). مطابقته للترجمة من حيث إنَّ المراد بقوله: (فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ) هي صلاة الظُّهر؛ لأنَّ الإبراد إنَّما يكون في وقت يشتدُّ الحرُّ فيه، وذلك وقت الظُّهر، ولهذا صرَّح بالظُّهر في حديث أبي سعيد حيث قال: «أَبْرِدُوا بالظُّهْرِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» على ما يأتي في آخر هذا الباب، والبخاري حمل المطلق على المقيَّد في هذه الترجمة. قوله: (أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ) أي أبو هريرة وابن عُمَر حدَّثا من حدَّث صالح بن كَيْسان، ويحتمل أن يعود الضَّمير في (أَنَّهُمَا) إلى الأعرج ونافع، أي أنَّ الأعرج ونافعًا حدَّثاه، أي صالح بن كَيْسان عن شيخيهما بذلك، ووَقَعَ في رواية الإسماعيلي أنهما حدَّثا بغير ضمير، فلا يحتاج إلى التقدير المذكور. قوله: (إِذَا اشَتَدَّ الحَرَّ) من الاشتداد من باب الافتعال، وأصله: اشتدد، أدغمت الدَّال الأولى في الثانية. قوله: (فَأَبْرِدُوا) -بفتح الهمزة- من الإبراد، قال الزَّمَخشَري في «الفائق»: حقيقة الإبراد الدخول في البرد، والباء للتعدية، والمعنى: إدخال الصَّلاة في البرد، ويقال: معناه: افعلوها في وقت البرد، وهو الزَّمان الذي يتبيَّن فيه شدَّة انكسار الحرِّ؛ لأنَّ شدَّة الحرِّ تذهب الخشوع. وقال السَّفَاقُسي: (أَبْرِدُوا) أي ادخلوا في وقت الإبراد مثل أظلم: دخل في الظَّلام، وأمسى:
دخل في المساء، قال شيخنا: وأظهر إذا دخل في الظَّهيرة، ومثله في المكان: أنجد إذا دخل نجدًا، وأَتْهَم إذا دخل تِهامة. انتهى. وقال الخطَّابيُّ: الإبراد: انكسار شدَّة حرِّ الظَّهيرة، وذلك أنَّ فتور حرِّها بالإضافة إلى وقت الهاجرة بردٌ، وليس ذلك بأن يؤخِّر إلى آخر بردَي النَّهار وهو برد العشي؛ إذ فيه الخروج عن قول الأئمَّة. قوله: (بِالصَّلَاةِ) وفي حديث أبي ذرٍّ الذي يأتي بعد هذا الحديثُ عن الصلاة، والفرق بينهما: أنَّ الباء هو الأصل، وأما (عَنْ) ففيه تضمين معنى التأخير، أي تأخَّروا عنها مبرِّدين، وقيل: هما بمعنى واحد؛ لأن عَنْ تأتي بمعنى الباء كما يقال: رميت عن القوس، أي بالقوس، وقيل: الباء زائدة، والمعنى: أبردوا الصَّلاة. وقوله: (بِالصَّلَاةِ) بالباء هو رواية الأكثرين، وفي رواية الكُشْمِيهَني: <عَنِ الصَّلَاةِ> كما في حديث أبي ذرٍّ، وقال شيخنا: قوله: (بِالصَّلَاةِ) الباء للتعدية، وقيل: زائدة، ومعنى (أَبْرِدُوا): أخِّروا، على سبيل التضمين، أي أخَّروا الصلاة. قال العَيني: قوله: للتعدية غيرُ صحيح؛ لأنَّه لا يجمع في تعدية اللازم بين الهمزة والباء، فافهم، وقوله: على سبيل التَّضمين أيضًا غير صحيح؛ لأنَّ معنى التَّضمين في رواية (عَنْ) كما ذكرنا، لا في رواية الباء، فافهم، وقد ذكرنا: أنَّ المراد من الصَّلاة هي صلاة الظُّهر. انتهى. قلت: ما قاله شيخنا صحيح يشهد له قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١] فإن قلت: قال العلماء باللَّغة: إنَّ سرى وأسرى بمعنىً واحد، أقول: قال صاحب المفردات: وقيل: أسرى ليست من لفظة سَرَى، إنَّما هي من السَّراة وهو أرض واسعة، فقوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١] أي ذهب به في سَراةٍ من الأرض، وقوله: على سبيل التَّضمين، لم يقل فيه على رواية الباجي يُعترض بهذا. انتهى. قوله: (فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ) الفاء فيه للتعليل، أراد أنَّ علَّة الأمر بالإبراد هي شدَّة الحرِّ، واختلف في حكمة هذا التأخير، فقيل: دفع المشقَّة لكون شدَّة الحرِّ مما يذهب الخشوع، وقيل: لأنَّه وقت تسجر فيه جهنَّم كما روى مسلم من حديث عَمْرو بن عَبَسَةَ حيث قال له ﵇: «اقصرْ عنِ الصَّلاة عندَ استواءِ الشَّمسِ؛ فإنَّها ساعةٌ تسجرُ فيها جهنَّمُ». انتهى. فهذه الحالة ينتشر فيها العذاب. فإن قلت: الصَّلاة سبب الرحمة، وإقامتها مظنَّة دفع العذاب، فكيف أمر ﵇ بتركها في هذه الحالة؟ أجيب عنه بجوابين، أحدهما قاله اليعمري: بأن التعليل إذا جاء من جهة الشَّارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه، والآخر من جهة أهل الحكمة، وهو استنباط ابن المنيِّر، وهو أنَّ هذا الوقت وقت ظهور الغضب، فلا ينجع فيه الطلب إلَّا ممن أُذن له في ذلك كما في حديث الشَّفاعة، حيث اعتذر الأنبياء كلُّهم للأمم بذلك سوى رسول الله ﷺ؛ فإنَّه أُذن له في ذلك. قلت: في تعليل أهل الحكمة هذا نظر؛ فإنَّه ﵇ قال في الكسوف: «إنَّ اللهَ يُخَوْفُ بِهِ عِبَادَهُ»، وقال: «إِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافزَعُوا إلى الصَّلَاةِ»، والذي يظهر أنَّ تعليله بذلك إرشادٌ إلى تحقيق المشقَّة، قال شيخنا: ويمكن أن يقال: سَجْر جهنَّم سبب فتحها، وفتحُها سبب وجود شدَّة الحرِّ،

1 / 48