Mazdakism: The Origin of Socialism
المزدكية هي أصل الاشتراكية
ناشر
دار الكتاب
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٣٩٤ هـ - ١٩٧٤ م
محل انتشار
الدار البيضاء
ژانرها
قادم من بعيد، فقال الرسول: «كن أبا ذر» فكان هو نفسه، ولما وصل قال له الرسول ﷺ: «ما أخرك إلى الآن؟»، قال:
بعيري الهزيل، ولما أبطأ بي حملت متاعي وجئت أمشي وتركته، فقال فيه الرسول كلمته تلك.
وقال الرسول ﷺ يوما مخاطبا أصحابه: «أيكم يلقاني - يعني يوم القيامة - على الحال الذي أفارقه عليها؟ فقال أبو ذر: أنا، فقال له النبي ﷺ: «صدقت)، ثم قال: «ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى ابن مريم» (١) وفي رواية أخرى «من سره أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر».
هذه نظرة الرسول ﷺ إلى صاحبه أبي ذر ﵁، وهي شهادته فيه، وقد تحقق كل ما أخبر به الرسول ﷺ في أبي ذر.
وقد كان من علماء الصحابة، في درجة عبد الله بن مسعود في العلم، سئل علي بن أبي طالب ﵁ عن أبي ذر فقال: (وعى علما عجز فيه، وكان شحيحا حريصا، شحيحا على دينه حريصا على العلم) (٢).
وقد اختار أبو ذر الربذة مقرا له كما سلف، وكان يعيش مع زوجته وغلامه فيها فلما حضرته الوفاة أوصى امرأته وغلامه فقال: إذا أنا مت فاغسلاني وكفناني وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولوا هذا أبو ذر، فلما مات فعلا به ذلك، فاطلع ركب، فما علموا حتى كادت ركائبهم تطأ السرير الذي عليه الميت، فإذا عبد الله بن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقال ما هذا؟ قيل جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود يبكي وقال: صدق رسول الله ﷺ حين قال: «يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده» فنزل وتولى هو بنفسه دفنه، هذه رواية وهناك رواية أخرى تثبت أن الركب وجده لا زال حيا فحضر وفاته ودفنه، وقال لهم: قد أصبحت اليوم حيث ترون ولو أن ثوبا من ثيابي
_________
(١) الترمذي والحاكم وابن حبان وغيرهم.
(٢) ج ٤ من الطبقات الكبرى لابن سعد ص ٢٣٢.
1 / 111