مرگ مرد تنها روی زمین
موت الرجل الوحيد على الأرض
ژانرها
أسرعت العربة الكارو تهتز وتتأرجح فوق الأرض المتربة المتعرجة، وأنفاس الحمار اللاهثة مسموعة في أذنها، بطيئة ورتيبة ومتقطعة كدقات العجلات الخشبية فوق الأرض، وكالدق الرتيب في صدرها وبطنها. بدأت ترى الشمس تعلو في السماء والحقول تختفي، وتظهر البيوت الطينية المتلاصقة المتساندة إلى بطن الجسر، ونساء يحملن الجرار ظهرن فوق الجسر، والأطفال والذباب استيقظوا معا وملئوا الجو بالطنين، وأسراب الجاموس والبقر تسير بخطواتها البطيئة الثقيلة تملأ الجو بالتراب، ومن خلفها نساء أو رجال يحملون الفئوس ويتثاءبون في ضجر.
خيل إليها أنها عادت إلى كفر الطين، فرفعت طرحتها السوداء وأخفت وجهها، لكنها سمعت صوت الرجل الغليظ يقول: انزلي.
سألت: أهذه هي الرملة يا عم؟
رد دون أن يلتفت نحوها: نعم.
اتكأت بذراعيها فوق العربة لتهبط؛ ومالت العربة تحت ثقل جسمها، ثم اعتدلت حينما انتقل الثقل من فوق العربة إلى الأرض. أصبحت العربة معتدلة وخفيفة، وصدره أيضا أصبح معتدلا وخفيفا، وكأنما انتقل الثقل من فوق صدره وأصبح فوق الأرض، تنوء به الأرض كما ناء به من قبل. سمع صوت قدميها الحافيتين الثقيلتين تدبان فوق الأرض، فلسع الحمار بالعصا وتحركت العربة. كاد أن يحرك رأسه إلى الخلف وينظر إليها مرة أخيرة، لكنه ظل شاخصا إلى الأمام، ولسع الحمار مرة أخرى فانتفض الحمار وانتفضت معه العربة تضرب الأرض بعجلاتها الخشبية الكبيرة.
رأت نفيسة العربة من الخلف تهتز وتأرجح، وظهر الرجل نحيلا بارز العظام كظهر أبيها، واختفت العربة بعد قليل، واختفى معها ظهر الرجل، لكن صوت العجلات الخشبية ظل يرن في أذنيها متحشرجا لاهثا كأنفاس الحمار المتقطعة ، يتخلله من حين إلى حين سعال الرجل الخشن الممزق كسعال أبيها حين يشفط الدخان الأسود بأنفه وفمه.
حين وصلت إلى الجامع، انحرفت ناحية اليمين لتجد الخرابة الواسعة كما وصفتها لها أم صابر. وفي نهاية الخرابة بيت طيني صغير، له باب خشبي كبير، من فوقه مطرقة حديدية، وإلى جواره طلمبة ماء. أدارت الطلمبة وشربت بكفها بعض الماء، ثم سارت نحو الباب الخشبي ودقت المطرقة.
سمعت صوتا ممطوطا يشبه صوت نفوسة الغازية في كفر الطين يهتف من خلف الباب: مين؟
وردت بصوت خافت: أنا.
وعاد الصوت الممطوط: أنت مين؟
صفحه نامشخص