موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
ژانرها
ومنذ عهد ما قبل الأسرات نجد في مصر آلتين أصليتين خاصتين بالزراعة، وهما الفأس لفلح الأرض والمنجل لقطع المحصول وضمه. أي أن الأولى تجهز للفلاح عمله، والثانية تهيئ له حصد محصوله، وإذا فحصنا كلا من هاتين الآلتين نجد أن الطبيعة قد ساعدت على اختراعهما، فالفأس في الواقع حلت محل اليد عند ما يراد نبش الأرض لزرعها، وإذا تخيل الإنسان هذا المنظر فإن يده تمثل شكل الفأس عند حفر الأرض. أما المنجل فقد اخترع على غرار أسنان الحيوان وهو يأكل الحشائش، فأسنانه هي أسنان الحيوان. وقد نقل الإنسان هذا في المادة وأصبح يستعمله في كل أغراضه لضم محصوله.
وقد ظهرت الفأس للمرة الأولى في التاريخ المصري على طوابع الأختام الإسطوانية الشكل التي كانت تحلي سدادات الأواني العظيمة التي عثر عليها في نقادة.
92
ومنذ الأسرة الأولى الفرعونية أصبحت الفأس شائعة الاستعمال في الحقول وأعمال البناء وغيرها، وقد استعملت الفأس من الخشب واستعين على تثبيت مشطها في اليد بالحلفاء أو الليف؛ إذ كان الخشب أقرب منالا للفلاح وأسهل صنعا. واستمرت الفأس تصنع من الخشب حتى العصور المتأخرة وهي لا تزال تصنع أحيانا من الخشب في الواحات كما صنعت الفأس من النحاس في عهد الأسرة الخامسة،
93
وأخذت تتدرج في التحسن شيئا فشيئا حتى أخذت أشكالا عدة.
ولست أدري إذا كان لاسم رسم الفأس باللغة المصرية القديمة «مر» علاقة بالاسم الذي أطلق على كل مصر الزراعية وهو «تا مري» أي أرض الفلاحة أو أرض الفأس، وربما كان ذلك هو السبب في نسبة مصر كلها لاسم الآلة التي كانت أول شيء استعمل في فلاحتها. ومن المحتمل جدا أن لفظة «دميرة» التي يطلقها فلاحو الوجه القبلي عندما يكون الفلاح قد هيأ أرضه للزرع في وقت بداية الفيضان في النصف الأول من شهر مسرى، يرجع أصلها إلى لفظة «تا مري» أي أرض الزراعة أي الأرض التي هيئت للزراعة بالفأس. ومن ذلك يمكننا أن نفهم بسهولة معنى لفظة «مروت» التي تكتب بنفس الإشارة ويخصصها رجل وامرأة
أي الفلاحون، وهنا يمكننا أن نفهم جيدا معنى المثل القائل «كل فلاح مصري وليس كل مصري فلاحا».
المحراث:
تقص الأساطير أن مصر مدينة بالمحراث للإله «أوزير» إله النبت والزرع. والواقع أن المحراث هو فأس مكبرة من اختراع المصري عند ما أراد أن يقتصد في الوقت في شق أرضه. ويدل شكله على أنه كان يحرك بوساطة الإنسان لا بالحيوان في بادئ الأمر، وقد عثر في الرسوم المصرية القديمة على ما يثبت ذلك.
صفحه نامشخص