موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي

سليم حسن d. 1381 AH
119

موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي

موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي

ژانرها

الأمير حامل خاتم ملك الوجه البحري، مدير الجنوب، السمير الوحيد، الكاهن المرتل «سبني».

وعندئذ ذهب ضابط السفينة «أبتف» ومدير ... «بهكيسي» ليحملوا الخبز، إن السمير الوحيد والكاهن المرتل «مخو» قد مات، وعندئذ صحبت معي جنودا من ضيعتي ومائة حمار، وأخذت كذلك عطورا وشهدا، وملابس وزيتا و... لأقدمها هدايا في هذه الأقطار، وسرت نحو بلاد النحسى «العبيد» هذه ... وقد أرسلت أناسا كانوا عند بوابة الفنتين، وكتبت خطابات لأخبر الملك بأني سافرت لأحضر من «واوات» و«أوثث»، ولقد هدأت الأحوال في هذه الأقطار الأجنبية ... وفي الأقطار ... التي تسمى «عا تم ثر». ثم حملت جثة هذا السمير الوحيد على ظهر حمار ثم أرسلته مع فصيلة من جنود أوقافي، وصنعت له تابوتا ... وأحضرت معي ... لأجل أن أنقله من هذه الأقطار الأجنبية، ثم عدت نحو «واوات» و«أوثك» وأرسلت الشريف الملكي «إري» مع اثنين من ملاك الفلاحين من ضياعي طليعة ومعهما الروائح العطرية ... وحاجز من العاج لأعلم ... أني حملت جثة والدي وكل أنواع هدايا هذه الأقطار. ثم عدت لأضع والدي ... أما من جهة «إري» الذي كان في البلاط فإنه أحضر أمرا بتحنيط الأمير، حامل خاتم الوجه البحري، السمير الوحيد، الكاهن المرتل «مخو» وقد أحضر ... محنطين، والكاهن المطهر الأعلى والتشريفي، والكاهن الأعلى للأوقاف المأتمية والبكائين، وكل قربان بيت التحنيط، وأحضر زيت الطقوس الخاص ببيت التحنيط، والأشياء السرية لبيت التطهير المزدوج والخاصة ببيت السلاح، وملابس من بيت المال، وكل الملحقات الجنازية أتت من البلاط كما كان الحال في أمر الأمير «مرو»، وعندما وصل «إري» أحضر معه مرسوما ليثني علي على ما فعلته، وقد ذكر في هذا المرسوم: «لقد فعلت لك كل الأشياء الممتازة تذكارا لهذا العمل العظيم لأنك أحضرت والدك ...» ولم يحدث مثل هذا من قبل.

ودفنت والدي في هذا القبر من الجبانة، على أنه لم يدفن رجل في هذه الدرجة بالطريقة التي دفن بها. ثم نزلت في النهر نحو «منف» حاملا معي منتجات هذه الأقطار الأجنبية، وكذلك ما كان والدي قد جمعه ... جيشي و«النحسى» (النخاسة) ... والخادم «سبني» قد أثنى عليه في البلاط ووجه الملك له مدحا؛ لأنه كان صاحب حظوة عظيمة عند الملك ... وقد أعطيت صندوقا من خشب الخروب يحتوي على عطور وزيوت، وكذلك منحت حقيبة من الكتان ... وملابس، وكذلك أعطيت ذهب الجدارة، وكذلك تسلمت قرابين من اللحم والطيور ... وعندما كانت تقرب الذبائح كان يذكر ما فعله لي سيدي.

وقد قيل للخادم «سبني»: لقد أتي بمرسوم من القاضي الأعظم والوزير ... بلدة «نخب» الكاهن الأعظم «آني» الذي كان وقتئذ في «برحتحور رسيت» قائلا: إنه يمكنني أن أحضر والدي في الحال ويمكنني أن أدفنه في قبره شمالي «نخب»، ولقد منحت 30 أرورا

2

من الأرض في الشمال والجنوب وقفا من الهرم المسمى «من عنخ نفر كا رع» تقديرا لي.

ولسنا في حاجة للتعليق على رحلة «سبني»، وما قام به نحو والده، فالمتن يعطينا صورة ناطقة عن العادات والشعائر الدينية التي كانت تجري في هذه الفترة في مصر، وسنترك ذلك للقارئ نفسه.

وقبل أن نتمم كلامنا عن عصر «بيبي الثاني» نرى لزاما علينا أن نلقي نظرة إجمالية عن بيت أسرة الأمير «زاو» وهو كما ذكرنا من قبل شقيق زوجتي «بيبي الأول» وخال «بيبي الثاني» ووزيره لفترة من حكمه الطويل، وقد كان أمراء هذا البيت حكاما وراثيين لمقاطعتي «هراكنبوليس» (مقاطعة جبل الثعبان، وهي الثانية عشرة بالنسبة لمقاطعات الوجه القبلي)، وكذلك كانوا حكاما لمقاطعة «طينة» (المقاطعة الثامنة من الوجه القبلي وهي «العرابة»).

والظاهر أن هذه الأسرة يرجع نسبها إلى الوزير «مري»، وقد تزوج من إحدى بنات الملك «تيتي»، وقد بقي عظماء هذه الأسرة يتقلبون في مناصب الدولة العظيمة حتى تولى «زاو» رياسة الوزارة في عهد «بيبي الثاني»، وأصبح هو المسيطر على كل الأمور في البلاد لما له من الصلة الوثيقة بالفرعون الصغير، وقد ترك من بعده ابنه «إبي» وكان في أول الأمر حاكما لمقاطعة «هراكنبوليس» ثم لمقاطعة «طينة» بالوراثة عن أبيه، وأخيرا عين حاكما للجنوب، وقد ترك كل من «زاو» و«إبي» نقوشا على قبريهما، وهذه النقوش لا تختلف كثيرا عن النقوش التي كانت شائعة الانتشار في هذا العهد، اللهم إلا بعض جمل تخرج أحيانا عن حد المألوف قد جاءت ضمن نقوشها، فمثلا نجد على مقبرة الأمير «زاو»: إني لم أقدم احترامي لأي رجل ولكن احترامي كان يقدمه لي العظماء، ولقد عمل لي تابوت وقربان ملكية من البلاط بمقدار عظيم جدا في عهد جلالة الفرعون «مرن رع».

أما مقبرة «إبي» فقد وجدنا في نقوشها الروح التي يظهرها كل مصري تحايلا على استمرار بقاء وقف قبره وعدم الاعتداء عليه، ولذلك قد استعان بالتهديد وبقوة التعاويذ السحرية التي كانت شائعة الانتشار في هذا العهد، وبخاصة أن الملوك كانوا يستعملونها ويستعينون بها على المحافظة على أهرامهم وأوقافها، وكذلك كان يبرئ نفسه أمام العالم من كل المظالم التي كان يقترفها الناس فيقول: إذا دخل أي إنسان هذا القبر مدعيا ملكيته فإني سأنقض عليه كطائر مفترس، وإني روح فائقة، وإني أعرف كل التعاويذ وأسرار البلاط في الجبانة، وإني المحبوب من والده والمثنى عليه من والدته و«المقرب» (إبي).

صفحه نامشخص