يريد : «أأنت أحسن أم أم سالم».
فأضمر أحسن. يريد : «أليس أنا خيرا من هذا الذي هو مهين». ولها موضع آخر تكون فيه منقطعة من الكلام ، كأنك تميل الى أوله قال : ( لا ريب فيه من رب العالمين (37) أم يقولون افتراه ) [يونس]. وهذا لم يكن قبله استفهام ، وهذا قول العرب : «إنها لإبل» ثم يقولون «أم شاء» (وقولهم) «لقد كان كذا وكذا أم حدثت نفسي» ، ومثل قول الشاعر (2) [من الكامل وهو الشاهد الخامس عشر] :
كذبتك عينك أم رأيت بواسط
غلس الظلام من الرباب خيالا (3)
وليس قوله تعالى ( أم يقولون افتراه ) لأنه شك ، لكنه قال هذا ليقبح صنيعهم ، كما تقول : «ألست الفاعل كذا وكذا» ليس تستفهم ، إنما توبخه.
ثم قال ( بل هو الحق من ربك ) [السجدة : 3]. ومثل هذا في القرآن كثير ، قال سبحانه ( فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون ) (29) [الطور] ثم قال ( أم يقولون شاعر نتربص به ) [الطور : 30] (و) ( أم عندهم خزائن ربك ) [الطور : 37] كل هذا ، على استفهام الاستئناف.
وليس ل «أم» غير هذين الموضعين ، لأنه أراد أن ينبه ، ثم ذكر ما قالوا عليه ، يعني النبي (ص) ليقبح ما قالوا عليه ، نحو قولك للرجل «الخير أحب إليك أم الشر»؟ وأنت تعلم أنه يقول «الخير» ولكن أردت أن تقبح عنده ما صنع. وأما قوله تعالى ( ولا تطع منهم آثما أو كفورا ) [الإنسان : 24] فقد نهاه عن الإثم والكفور جميعا. وقد قال بعض الفقهاء (4): «إن «أو» تكون بمنزلة الواو وقال [من المتقارب وهو الشاهد السادس عشر] :
يهينون من حقروا شأيه
وإن كان فيهم يفي أو يبر
صفحه ۱۲۶