صلى الله عليه وسلم
وبئره، وهو واد ونخل وحصون، وهو على رأس البوباة.
فقد أقبل على الميقات ميقات الإحرام وهو قرن المنازل. ونحن نعلم أن الناس يحرمون اليوم عند السيل الكبير، وهو أول ما يلقى السائر حين يهبط من جبال الطائف في طريقه إلى مكة، فهذا يصدق القول بأن مناقب هي هذه الريعان.
قلت: ودليل آخر إن بقيت حاجة إلى الاستدلال والنقل عن الكتب؛ نقل الفاسي في كتابه العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين عن أبي الوليد الأزرقي ما يأتي:
وعكاظ وراء قرن المنازل بمرحلة على طريق صنعاء في عمل الطائف على بريد منها، وهي سوق لقيس عيلان وثقيف، وأرضها لنصر.
فالآن وضحت الأدلة؛ قد قرأنا وصف عكاظ، وقرأنا عن منازل قريبة منه، وعن أودية فيه أو بجانبه، وكانت كلها مبهمة في عقلي حتى بينتها في هذا المقام. بارك الله فيك. •••
ثم قلت ونحن على الحرة: إن القبائل لا تجتمع على غير ماء، فأين الماء إن كان هذا موضع عكاظ؟ إن وادي شرب ووادي الأخيضر لا يدوم فيهما الماء، فكيف كان أهل عكاظ يشربون ويسقون أنعامهم إن لم يكن فيه ماء معين؟ قال ضيف الله أحد رفاقنا، وهو من قبيلة عتيبة: انظر في مجرى الوادي - وأشار صوب المشرق - هذه الأحجار على فوهة بئر، وتلك الأحجار على بئر أخرى ، وآبار كثيرة هنا طمها الوادي.
ونزلنا من الحرة فسرنا في سهل عكاظ، فرأينا آثار بناء آخر، وجدرا من الأحجار مسواة بالأرض، وسرنا إلى العبيلاوات البيض فرأينا بعضها، وكلها بيضاء من رخام أو مرمر. •••
ثم أوينا إلى فسطاط كبير فرش بالبسط، ومد لنا سماط كان في أدواته وألوان طعامه ما بعد بنا عن البادية وأخرجنا من عكاظ حينا.
ولبثنا إلى ما بعد العصر، ثم ركبنا نضرب في السهل شطر الجنوب نريد العبلاء البيضاء التي رأيناها ونحن فوق الحرة، ونطمح إلى جلدان وما يليه، فانتهينا إلى أكمة بيضاء حجارتها كحجارة العبيلاوات التي رأيناها آنفا، وصعدنا عليها فأجلنا الطرف فيما حولنا نرى الحرة من بعيد ونرى جلدان. وأشير إلى نخل شطر الغرب والجنوب فقيل: وهذا الأخيضر، وهو للعداوين أي لقبيلة عدوان، وعدوان في هذه المواضع منذ الجاهلية. وعبرنا وادي الأخيضر فارتفعنا عن سهل عكاظ نؤم الحوية فالطائف، وقد نزلنا في أحد بساتين سمو الأمير فيصل في الحوية، فاسترحنا وأكلنا عنبا وجلنا بين الأشجار والثمار قليلا، ثم دخلنا الطائف بعد الغروب، وقد بلغت أربا من عكاظ وأيقنت أنه هذا الموضع لا ريب، وأن قولنا فيه قول فصل، وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب.
صفحه نامشخص