موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدین قاسمی d. 1332 AH
91

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پژوهشگر

مأمون بن محيي الدين الجنان

ناشر

دار الكتب العلمية

يَكُونَ هُوَ الْمَتْبُوعَ وَالْمُقْتَدَى بِهِ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطَوِّلَ عَلَيْهِمُ الِانْتِظَارَ إِذَا اشْرَأَبُّوا لِلْأَكْلِ وَاجْتَمَعُوا لَهُ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَسْكُتُوا عَلَى الطَّعَامِ وَلَكِنْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْمَعْرُوفِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَرْفُقَ بِرَفِيقِهِ فِي الْقَصْعَةِ فَلَا يَقْصِدُ أَنْ يَأْكُلَ زِيَادَةً عَمَّا يَأْكُلُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لِرِضَا رَفِيقِهِ مَهْمَا كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ الْإِيثَارَ وَلَا يَأْكُلَ تَمْرَتَيْنِ فِي دُفْعَةٍ إِلَّا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَوِ اسْتَأْذَنَهُمْ، فَإِنْ قَلَّلَ رَفِيقُهُ نَشَّطَهُ وَرَغَّبَهُ فِي الْأَكْلِ وَقَالَ لَهُ: «كُلْ» وَلَا يَزِيدُ فِي قَوْلِهِ: «كُلْ» عَلَى ثَلَاثٍ فَإِنَّ ذَلِكَ إِلْحَاحٌ وَإِضْجَارٌ، فَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَيْهِ بِالْأَكْلِ فَمَمْنُوعٌ. قَالَ الحسن بن علي ﵄: «الطَّعَامُ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يُحْلَفَ عَلَيْهِ» . الرَّابِعُ: أَنْ لَا يُحْوِجَ رَفِيقَهُ إِلَى أَنْ يَقُولَ لَهُ: «كُلْ» أَوْ يَتَفَقَّدَهُ فِي الْأَكْلِ بَلْ يَحْمِلَ عَنْ أَخِيهِ مُؤْنَةَ ذَلِكَ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِمَّا يَشْتَهِيهِ لِأَجْلِ نَظَرِ الْغَيْرِ إِلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَصَنُّعٌ بَلْ يَجْرِي عَلَى الْمُعْتَادِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ عَادَتِهِ شَيْئًا فِي الْوَحْدَةِ، وَلَكِنْ يُعَوِّدُ نَفْسَهُ حُسْنَ الْأَدَبِ فِي الْوَحْدَةِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِلَى التَّصَنُّعِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. نَعَمْ لَوْ قَلَّلَ مِنْ أَكْلِهِ إِيثَارًا لِإِخْوَانِهِ وَنَظَرًا لَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ زَادَ فِي الْأَكْلِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسَاعَدَةِ وَتَحْرِيكِ نَشَاطِ الْقَوْمِ فِي الْأَكْلِ فَهُوَ حَسَنٌ. الْخَامِسُ: أَنَّ غَسْلَ الْيَدِ فِي الطَّسْتِ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ أنس: «إِذَا أَكْرَمَكَ أَخُوكَ فَاقْبَلْ كَرَامَتَهُ وَلَا تَرُدَّهَا» . رُوِيَ أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ دَعَا أَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرَ فَصَبَّ الرشيد عَلَى يَدِهِ فِي الطَّسْتِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «يَا أبا معاوية، أَتَدْرِي مَنْ صَبَّ عَلَى يَدِكَ» فَقَالَ: «لَا»، قَالَ: «صَبَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ» فَقَالَ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا أَكْرَمْتَ الْعِلْمَ وَأَجْلَلْتَهُ فَأَجَلَّكَ اللَّهُ وَأَكْرَمَكَ كَمَا أَجْلَلْتَ الْعِلْمَ وَأَهْلَهُ» . وَلْيَصُبَّ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِنَفْسِهِ الْمَاءَ عَلَى يَدِ ضَيْفِهِ هَكَذَا فَعَلَ مالك بالشافعي ﵄ فِي أَوَّلِ نُزُولِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ: «لَا يَرُوعُكَ مَا رَأَيْتَ مِنِّي فَخِدْمَةُ الضَّيْفِ فَرْضٌ» . السَّادِسُ: أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَلَا يُرَاقِبَ أَكْلَهُمْ فَيَسْتَحْيُونَ بَلْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنْهُمْ

1 / 94