وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، فَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ، وَلْيَضْطَبِعْ قَبْلَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ إِبِطِهِ الْيُمْنَى وَيَجْمَعَ طَرَفَيْهِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ فَيُرْخِيَ طَرَفًا وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَطَرَفًا عَلَى صَدْرِهِ، وَيَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَيَشْتَغِلَ بِالْأَدْعِيَةِ الْمَرْوِيَّةِ.
الثَّانِي: إِذَا فَرَغَ مِنَ الِاضْطِبَاعِ فَلْيَجْعَلِ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ وَلْيَقِفْ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَلْيَتَنَحَّ عَنْهُ قَلِيلًا لِيَكُونَ الْحَجَرُ قُدَّامَهُ فَيَمُرَّ بِجَمِيعِ الْحَجَرِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فِي ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ، وَلْيَجْعَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَدْرَ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ لِيَكُونَ قَرِيبًا مِنَ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْحَجَرِ بَلْ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ «بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ﷺ» وَيَطُوفَ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَرْمُلَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ وَيَمْشِيَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخَرِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُعْتَادَةِ، وَمَعْنَى الرَّمَلِ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَا، وَهُوَ دُونَ الْعَدْوِ وَفَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ وَمِنَ الِاضْطِبَاعِ إِظْهَارُ الشَّطَارَةِ وَالْجَلَادَةِ وَالْقُوَّةِ، هَكَذَا كَانَ الْقَصْدُ أَوَّلًا قَطْعًا لِطَمَعِ الْكُفَّارِ وَبَقِيَتْ تِلْكَ السُّنَّةُ، وَالْأَفْضَلُ الرَّمَلُ مَعَ الدُّنُوِّ مِنَ الْبَيْتِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ لِلزَّحْمَةِ فَالرَّمَلُ مَعَ الْبُعْدِ أَفْضَلُ، فَلْيَخْرُجْ إِلَى حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَلْيَرْمُلْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ لِيَقْرُبْ إِلَى الْبَيْتِ فِي الْمُزْدَحَمِ وَلْيَمْشِ أَرْبَعَةً، وَإِنْ أَمْكَنَهُ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ فِي كُلِّ شَوْطٍ فَهُوَ الْأَحَبُّ، وَإِنْ مَنَعَهُ الزَّحْمَةُ أَشَارَ بِالْيَدِ وَقَبَّلَ، وَكَذَلِكَ اسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ يُسْتَحَبُّ مِنْ سَائِرِ الْأَرْكَانِ.
الْخَامِسُ: إِذَا تَمَّ الطَّوَافُ سَبْعَةً فَلْيَأْتِ الْمُلْتَزَمَ وَهُوَ بَيْنَ الْحَجَرِ وَالْبَابِ وَهُوَ مَوْضِعُ اسْتِجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَلْيَلْزَقْ بِالْأَسْتَارِ وَلِيُلْصِقْ بَطْنَهُ بِالْبَيْتِ وَلْيَضَعْ عَلَيْهِ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ وَلْيَبْسُطْ عَلَيْهِ ذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ وَلْيَقُلْ: «اللَّهُمَّ يَا رَبَّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ» . وَلْيَدْعُ بِحَوَائِجِهِ وَيَسْتَغْفِرْ مِنْ ذُنُوبِهِ.
السَّادِسُ: إِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ، وَلْيَدْعُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَلْيَقُلْ: «اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِيَ الْيُسْرَى وَجَنِّبْنِي الْعُسْرَى وَاغْفِرْ لِي فِي الْأُخْرَى وَالْأُولَى» .
الْجُمْلَةُ الْخَامِسَةُ فِي السَّعْيِ:
فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ فَلْيَخْرُجْ مِنْ بَابِ الصَّفَا فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الصَّفَا وَهُوَ جَبَلٌ فَيَرْقَى فِيهِ دَرَجًا فِي حَضِيضِ الْجَبَلِ ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْوَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَالطَّهَارَةُ مُسْتَحَبَّةٌ لِلسَّعْيِ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ بِخِلَافِ الطَّوَافِ.
الْجُمْلَةُ السَّادِسَةُ فِي الْوُقُوفِ وَمَا قَبْلَهُ:
الْحَاجُّ إِذَا انْتَهَى يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى عَرَفَاتٍ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِطَوَافِ الْقُدُومِ وَدُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَإِذَا وَصَلَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ فَطَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ فَيَمْكُثُ مُحْرِمًا إِلَى الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمَكَّةَ خُطْبَةً بَعْدَ الظُّهْرِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالِاسْتِعْدَادِ لِلْخُرُوجِ إِلَى
1 / 69