صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَفَضْلُهَا وَآدَابُ أَخْذِهَا وَإِعْطَائِهَا
فَضِيلَةُ الصَّدَقَةِ:
مِنَ الْأَخْبَارِ قَوْلُهُ ﷺ: «تَصَدَّقُوا وَلَوْ بِتَمْرَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» وَقَالَ ﷺ: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ» وَقَالَ ﷺ: «صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ ﷿» وَسُئِلَ ﷺ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَاقَةَ وَلَا تَمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ» وَقَالَ ﷺ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ، إِقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ (لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٣] وَقَالَ ﷺ:» مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَكْسُو مُسْلِمًا إِلَّا كَانَ فِي حِفْظِ اللَّهِ ﷿ مَا دَامَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ رُقْعَةٌ «.
وَمِنَ الْآثَارِ قَوْلُ عروة:» لَقَدْ تَصَدَّقَتْ عائشة ﵂ بِخَمْسِينَ أَلْفًا وَأَنَّ دِرْعَهَا لِمُرَقَّعٌ. وَكَانَ عمر ﵁ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْفَضْلَ عِنْدَ خِيَارِنَا لَعَلَّهُمْ يَعُودُونَ بِهِ عَلَى أُولِي الْحَاجَةِ مِنَّا. وَقَالَ «ابن أبي الجعد»: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتَدْفَعُ سَبْعَمِائَةِ بَابٍ مِنَ السُّوءِ، وَفَضْلُ سِرِّهَا عَلَى عَلَانِيَتِهَا بِسَبْعِينَ ضِعْفًا» .
وُجُوبُ فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧١] وَفِي الْإِخْفَاءِ خَمْسَةُ مَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَبْقَى لِلسَّتْرِ عَلَى الْأَخْذِ، فَإِنَّ أَخْذَهُ ظَاهِرًا هَتْكُ سِتْرِ الْمُرُوءَةِ وَكَشْفٌ عَنِ
1 / 57