موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدین قاسمی d. 1332 AH
45

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پژوهشگر

مأمون بن محيي الدين الجنان

ناشر

دار الكتب العلمية

الْمَسْجِدِ: فَرَكْعَتَانِ وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَإِنِ اشْتَغَلَ بِفَرْضٍ أَوْ قَضَاءٍ تَأَدَّى بِهِ التَّحِيَّةُ وَحَصَلَ الْفَضْلُ، إِذِ الْمَقْصُودُ أَنْ لَا يَخْلُوَ ابْتِدَاءُ دُخُولِهِ عَنِ الْعِبَادَةِ الْخَاصَّةِ بِالْمَسْجِدِ. وَأَمَّا رَكْعَتَا الْوُضُوءِ بَعْدَهُ فَمُسْتَحَبَّتَانِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ قُرْبَةٌ وَمَقْصُودَهَا الصَّلَاةُ. وَأَمَّا صَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ: فَمَنْ هَمَّ بِأَمْرٍ فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) [الْكَافِرُونَ: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ الْفَاتِحَةَ وَ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الْإِخْلَاصِ: ١] فَإِذَا فَرَغَ دَعَا وَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَعَاقِبَةِ أَمْرِي وَعَاجِلِهِ وَآجِلِهِ فَقَدِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ ثُمَّ يَسِّرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَعَاقِبَةِ أَمْرِي وَعَاجِلِهِ وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاصْرِفْهُ عَنِّي وَقَدِّرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ. الْأَوْقَاتُ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ: هِيَ خَمْسَةٌ: بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ، وَوَقْتَ الزَّوَالِ، وَوَقْتَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ تُكْرَهُ فِيهَا صَلَاةٌ لَا سَبَبَ لَهَا، أَمَّا مَا لَهُ سَبَبٌ كَقَضَاءِ رَاتِبَةٍ وَكُسُوفٍ وَجِنَازَةٍ فَلَا تُكْرَهُ فِيهَا، وَسِرُّ النَّهْيِ التَّوَقِّي مِنْ مُضَاهَاةِ عَبَدَةِ الشَّمْسِ وَبَعْثُ الدَّاعِيَةِ وَالنَّشَاطِ، فَفِي تَعْطِيلِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ زِيَادَةُ تَحْرِيضٍ وَبَعْثٍ عَلَى انْتِظَارِ قَضَاءِ الْوَقْتِ. مَا يُقْضَى مِنَ النَّوَافِلِ: رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقِيلَ لَهُ أَمَا نَهَيْتِنَا عَنْ هَذَا فَقَالَ: «هُمَا رَكْعَتَانِ كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشَغَلَنِي عَنْهُمَا الْوَفْدُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ مَرَضٌ فَلَمْ يَقُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ صَلَّى مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» فَمَنْ كَانَ لَهُ وِرْدٌ فَعَاقَهُ عَنْ ذَلِكَ عُذْرٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُرَخِّصَ لِنَفْسِهِ فِي تَرْكِهِ، بَلْ يَتَدَارَكُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى لَا تَمِيلَ نَفْسُهُ إِلَى الدَّعَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ، فَتَدَارُكُهُ حَسَنٌ عَلَى سَبِيلِ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ فَيُقْصَدُ بِهِ أَنْ لَا يَفْتُرَ فِي دَوَامِ عَمَلِهِ.

1 / 48