تَرْجَمَةٌ مُوجَزَةٌ لِلْمُؤَلِّفِ
هُوَ الشيخ جمال الدين (أو محمد جمال الدين) بن محمد بن سعيد بن قاسم الحلاق، مِنْ سُلَالَةِ الحسين السِّبْطِ. مَوْلِدُهُ وَوَفَاتُهُ (١٢٨٣ - ١٣٣٢ هـ) إِمَامُ الشَّامِ فِي عَصْرِهِ عِلْمًا وَتَضَلُّعًا، وَقَدِ امْتَازَ عَنِ الْكَثِيرِينَ مِنْ عُلَمَائِهَا بِاسْتِقْلَالِهِ عَنِ الْفُضُولِيَّاتِ وَخُلُوِّهِ مِنْ تَضْلِيلِ الْوَاهِمِينَ. وَلَمْ يَكْتَفِ بِالْوُقُوفِ عَلَى أَسْرَارِ الشَّرِيعَةِ، بَلْ دَرَسَ أَيْضًا الْعُلُومَ الْعَصْرِيَّةَ وَبِهَا ظَهَرَ فَضْلُ طَرِيقَتِهِ الْعِلْمِيَّةِ. فَقَدِ انْتَدَبَتْهُ الْحُكُومَةُ لِلرِّحْلَةِ وَإِلْقَاءِ الدُّرُوسِ الْعَامَّةِ فِي الْقُرَى وَالْبِلَادِ السُّورِيَّةِ، فَأَقَامَ فِي عَمَلِهِ هَذَا أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ (١٣٠٨ - ١٣١٢ هـ) . ثُمَّ رَحَلَ إِلَى مِصْرَ، وَزَارَ الْمَدِينَةَ.
اتُّهِمَ بِتَأْسِيسِ مَذْهَبٍ جَدِيدٍ فِي الدِّينِ سَمَّوْهُ «الْمَذْهَبَ الْجَمَالِيَّ» فَقَبَضَتْ عَلَيْهِ الْحُكُومَةُ سَنَةَ (١٣١٣هـ) . وَسَأَلَتْهُ، فَرَدَّ التُّهْمَةَ فَأُخْلِيَ سَبِيلُهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَالِي دِمَشْقَ. فَانْقَطَعَ فِي مَنْزِلِهِ لِلتَّصْنِيفِ وَالتَّأْلِيفِ وَإِلْقَاءِ الدُّرُوسِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ فِي التَّفْسِيرِ وَعُلُومِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْأَدَبِ. وَنَشَرَ بُحُوثًا كَثِيرَةً فِي الْمَجَلَّاتِ وَالصُّحُفِ. وَقِيلَ: إِنَّ مُصَنَّفَاتِهِ تَنُوفُ عَنِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مُصَنَّفًا. مِمَّا قَالَهُ جرجي أفندي الحداد فِي رِثَائِهِ:
نَمْ يَا جمال الدين غَيْرَ مُرَوَّعٍ ... إِنَّ الزَّمَانَ بِمَا ابْتُلِيتَ كَفِيلُ
فَسَتَعْرِفُ الْأَجْيَالُ فَضْلَكَ فِي غَدٍ ... إِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ هَذَا الْجِيلُ
آثَارُهُ:
كَانَ لِثَقَافَةِ جمال الدين الْعَظِيمَةِ وَالِاطِّلَاعِ الْوَاسِعِ وَالِاتِّصَالِ بِعُلَمَاءِ عَصْرِهِ الْأَثَرُ الْكَبِيرُ فِي حَيَاتِهِ الْعِلْمِيَّةِ فَأَلَّفَ كُتُبًا كَثِيرَةً فِي عُلُومٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا:
١ - الْأَجْوِبَةُ الْمُرْضِيَةُ: عَمَّا أَوْرَدَهُ كمال الدين بن الهمام عَلَى الْمُسْتَدِلِّينَ بِثُبُوتِ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ الْقِبْلِيَّةِ، طُبِعَ فِي مَطْبَعَةِ الْمُقْتَبَسِ دِمَشْقَ سَنَةَ (١٣٢٦هـ) .
1 / 5