وُجُوبُ الْخُشُوعِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طه: ١٤] ظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَالْغَفْلَةُ تُضَادُّ الذِّكْرَ، فَمَنْ غَفَلَ فِي صَلَاتِهِ كَيْفَ يَكُونُ مُقِيمًا لَهَا لِذِكْرِهِ تَعَالَى. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) [الْأَعْرَافِ: ٢٠٥] وَقَالَ تَعَالَى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [الْمُؤْمِنُونَ: ١، ٢] جَعَلَ أَوَّلَ مَرَاتِبِ الْفَلَاحِ الْخُشُوعَ فِي الصَّلَاةِ إِعْلَامًا بِأَنَّ مَنْ فَقَدَهُ فَهُوَ بِمَرَاحِلَ عَنِ الْفَوْزِ وَالنَّجَاحِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْفَلَاحِ، وَقَالَ ﷺ: «إِنَّمَا الصَّلَاةُ تَمَسْكُنٌ وَتَوَاضُعٌ وَتَضَرُّعٌ وَتَضَعُ يَدَيْكَ تَقُولُ اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهِيَ خِدَاجٌ»، وَرُوِيَ: «مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا»، وَحُكِيَ عَنْ «مسلم بن يسار» أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ فَسَقَطَ حَائِطُ الْمَسْجِدِ فَفَزِعَ أَهْلُ السُّوقِ لِهَدَّتِهِ فَمَا الْتَفَتَ، وَلَمَّا هُنِّئَ بِسَلَامَتِهِ عَجِبَ وَقَالَ: مَا شَعَرْتُ بِهَا. وَقَالَ «ابْنُ عَبَّاسٍ»: «رَكْعَتَانِ فِي تَفَكُّرٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَالْقَلْبُ سَاهٍ» .
فَضِيلَةُ الْمَسْجِدِ وَمَوْضِعُ الصَّلَاةِ:
قَالَ اللَّهُ ﷿: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التَّوْبَةِ: ١٨] وَقَالَ ﷺ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» وَقَالَ ﷺ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ» وَقَالَ ﷺ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» وَقَالَ ﷺ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَحَلَّقُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَلَيْسَ هَمُّهُمْ إِلَّا الدُّنْيَا، وَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ فَلَا تُجَالِسُوهُمْ» .
أَعْمَالُ الصَّلَاةِ الظَّاهِرَةِ:
إِذَا فَرَغَ الْمُصَلِّي مِنَ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْخَبَثِ فِي الْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَالثِّيَابِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْتَصِبَ قَائِمًا مُتَوَجِّهًا إِلَى الْقِبْلَةِ، وَلْيَقْرُبْ مِنْ جِدَارِ الْحَائِطِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْصِّرُ مَسَافَةَ الْبَصَرِ وَيَمْنَعُ تَفَرُّقَ الْفِكَرِ، وَلْيَحْجُرْ عَلَى بَصَرِهِ أَنْ يُجَاوِزَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ،
1 / 31