موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدین قاسمی d. 1332 AH
14

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پژوهشگر

مأمون بن محيي الدين الجنان

ناشر

دار الكتب العلمية

كِتَابُ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ «فِي كَلِمَتَيِ الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ مَبَانِي الْإِسْلَامِ» عَقِيدَتُهُمْ فِي ذَاتِهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَدِيمٌ لَا أَوَّلَ لَهُ، مُسْتَمِرُّ الْوُجُودِ لَا آخِرَ لَهُ، أَبَدِيٌّ لَا نِهَايَةَ لَهُ، دَائِمٌ لَا انْصِرَامَ لَهُ. لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، مَوْصُوفًا بِنُعُوتِ الْجَلَالِ، لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالِانْقِضَاءِ وَالِانْفِصَالِ بِتَصَرُّمِ الْآبَادِ وَانْقِرَاضِ الْآجَالِ، بَلْ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ; وَأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ مُصَوَّرٍ، وَلَا يُمَاثِلُ مَوْجُودًا، وَلَا يُمَاثِلُهُ مَوْجُودٌ، وَلَا تُحِيطُ بِهِ الْجِهَاتُ، وَلَا تَكْتَنِفُهُ الْأَرَضُونَ وَلَا السَّمَاوَاتُ. وَأَنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْشِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ وَبِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ، وَهُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالسَّمَاءِ، وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى تُخُومِ الثَّرَى، فَوْقِيَّةً لَا تَزِيدُهُ قُرْبًا إِلَى الْعَرْشِ وَالسَّمَاءِ كَمَا لَا تَزِيدُهُ بُعْدًا عَنِ الْأَرْضِ وَالثَّرَى، بَلْ هُوَ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ عَنِ الْعَرْشِ وَالسَّمَاءِ كَمَا أَنَّهُ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ عَنِ الْأَرْضِ وَالثَّرَى، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ كُلِّ مَوْجُودٍ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْعَبْدِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، إِذْ لَا يُمَاثِلُ قُرْبُهُ قُرْبَ الْأَجْسَامِ، كَمَا لَا تُمَاثِلُ ذَاتُهُ ذَاتَ الْأَجْسَامِ، وَأَنَّهُ لَا يَحُلُّ فِي شَيْءٍ وَلَا يَحُلُّ فِيهِ شَيْءٌ، تَعَالَى عَنْ أَنْ يَحْوِيَهُ مَكَانٌ كَمَا تَقَدَّسَ عَنْ أَنْ يَحُدَّهُ زَمَانٌ، بَلْ كَانَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ، وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ، وَأَنَّهُ فِي ذَاتِهِ مَعْلُومُ الْوُجُودِ بِالْعُقُولِ، مَرْئِيُّ الذَّاتِ بِالْأَبْصَارِ فِي دَارِ الْقَرَارِ نِعْمَةً مِنْهُ وَلُطْفًا بِالْأَبْرَارِ، وَإِتْمَامًا مِنْهُ لِلنَّعِيمِ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى حَيٌّ قَادِرٌ جَبَّارٌ قَاهِرٌ لَا يَعْتَرِيهِ قُصُورٌ وَلَا عَجْزٌ، وَلَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، وَلَا يُعَارِضُهُ فَنَاءٌ وَلَا مَوْتٌ، وَأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْخَلْقِ وَالِاخْتِرَاعِ، الْمُتَوَحِّدُ بِالْإِيجَادِ وَالْإِبْدَاعِ ; وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، مُحِيطٌ بِمَا يَجْرِي مِنْ تُخُومِ الْأَرَضِينَ إِلَى أَعْلَى السَّمَاوَاتِ، لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، بَلْ يَعْلَمُ دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَيُدْرِكُ حَرَكَةَ الذَّرِّ فِي جَوِّ الْهَوَاءِ، وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَيَطَّلِعُ عَلَى هَوَاجِسِ

1 / 17