موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدین قاسمی d. 1332 AH
123

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پژوهشگر

مأمون بن محيي الدين الجنان

ناشر

دار الكتب العلمية

كِتَابُ آدَابِ الْأُلْفَةِ وَالْأُخُوَّةِ وَالصُّحْبَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ مَعَ أَصْنَافِ الْخَلْقِ فَضِيلَةُ الْأُلْفَةِ وَالْأُخُوَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ الْأُلْفَةَ ثَمَرَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَالتَّفَرُّقَ ثَمَرَةُ سُوءِ الْخُلُقِ، فَحُسْنُ الْخُلُقِ يُوجِبُ التَّحَابَّ وَالتَّآلُفَ وَالتَّوَافُقَ، وَسُوءُ الْخُلُقِ يُثْمِرُ التَّبَاغُضَ وَالتَّحَاسُدَ وَالتَّدَابُرَ. وَحُسْنُ الْخُلُقِ لَا يَخْفَى فِي الدِّينِ فَضِيلَتُهُ وَهُوَ الَّذِي مَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ نَبِيَّهُ ﵇ إِذْ قَالَ: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [الْقَلَمِ: ٤] . وَقَالَ ﷺ: أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ. وَقَالَ ﷺ: بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ ثَمَرَةَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ الْأُلْفَةُ وَانْقِطَاعُ الْوَحْشَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى نَفْسِ الْأُلْفَةِ، سِيَّمَا إِذَا كَانَتِ الرَّابِطَةُ هِيَ التَّقْوَى وَالدِّينَ وَحُبَّ اللَّهِ، مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُظْهِرًا عَظِيمَ مِنَّتِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٣] أَيْ بِالْأُلْفَةِ، وَذَمَّ التَّفْرِقَةَ وَزَجَرَ عَنْهَا فَقَالَ تَعَالَى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٣] وَقَالَ ﷺ: إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا الْمُوَطَّؤُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ. وَقَالَ ﷺ: " الْمُؤْمِنُ آلِفٌ مَأْلُوفٌ وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ " وَقَالَ ﷺ: مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا رَزَقَهُ خَلِيلًا صَالِحًا إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ. وَعَنْهُ: " مَا تَحَابَّ اثْنَانِ فِي اللَّهِ إِلَّا كَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللَّهِ أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ. وَعَنْهُ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَبَاذَلُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَنَاصَرُونَ مِنْ أَجْلِي. وَعَنْهُ ﷺ: " إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللَّهِ الَّذِينَ يَأْلَفُونَ أَوْ يُؤْلَفُونَ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَى اللَّهِ الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْإِخْوَانِ ". وَمِنَ الْآثَارِ مَا رُوِيَ

1 / 126