إنما سمي كلاما إما لأنه بازاء المنطق للفلاسفة أو لأن أبوابه عنونت أولا بالكلام في كذا أو لأن مسألة الكلام أشهر أجزائه حتى كثر فيه التناحر والسفك فغلب عليه أو لأنه يورث قدرة على الكلام في الشرعيات ومع الخصم الشرح
وإنما وجب تقديمها لأن في بيان تسمية العلم الذي يتوجه إلى تحصيله مزيد اطلاع على حالة تفضي الطالب مع ما سبق إلى كمال استبصاره في شأنه إنما سمي الكلام كلاما إما لأنه بإزاء المنطق للفلاسفة يعني أن لهم علما نافعا في علومهم سموه بالمنطق ولنا أيضا علم نافع في علومنا سميناه في مقابلته بالكلام إلا أن نفع المنطق في علومهم بطريق الآلية والخدمة ومن ثمة يسمى خادم العلوم وآلتها وربما يسمى رئيسها نظرا إلى نفاذ حكمه فيها ونفع الكلام في علومنا بطريق الإحسان والمرحمة فلا يسمى إلا رئيسا لها أو لأن أبوابه عنونت أولا أي في كتب المتقدمين بالكلام في كذا فبعد تغير العنوان بقي ذلك الاسم بحاله أو لأن مسألة الكلام يعني قدم القرآن وحدوثه أشهر أجزائه وسبب أيضا لتدوينه حتى كثر فيه أي في حكم الكلام أنه قديم أو حادث التناحر أي التقاتل والسفك إذ قد روي أن بعض الخلفاء العباسيين كان على الاعتزال فقتل جماعة من علماء الأمة طالبا منهم الاعتراف بحدوث القرآن فغلب عليه تسمية للشيء باسم أشهر أجزائه أو لأنه يورث قدرة على الكلام في الشرعيات مع الخصم على قياس ما قيل في المنطق من أنه يفيد قوة على النطق في العقليات والمخاصمات
صفحه ۴۶