قد علمت أن موضوعه أعم الأمور وأعلاها وغايته أشرف الغايات وأجداها ودلائله يقينية يحكم بها صريح العقل وقد تأيدت بالنقل وهي الغاية في الوثاقة وهذه هي جهات شرف العلم لا تعدوها فهو أشرف العلوم
الشرح
أي شرفه وإنما وجب تقديم مرتبة العلم الذي يطلب أن يشرع فيه ليعرف قدره ورتبته فيما بين العلوم فيوفى حقه من الجد والاعتناء في اكتسابه واقتنائه إذا عرفت هذا فنقول قد علمت أن موضوعه أي موضوع الكلام وهو المعلوم أعم الأمور وأعلاها فيتناول أشرف المعلومات التي هي مباحث ذاته تعالى وصفاته وأفعاله ولا شك أنه إذا كان المعلوم أشرف كان العلم به أشرف مع أن موضوعه مقيد بحيثية تنبىء عن شرفه أيضا وغايته أعني تلك السعادة المترتبة على الأمور الخمسة أشرف الغايات وأجداها نفعا ودلائله يقينية يحكم بها أي بصحة مقدماتها وحقية الصور العارضة لها صريح العقل بلا شائبة من الوهم وقد تأيدت تلك الدلائل بالنقل وهي أي شهادة العقل لها بصحتها مع تأيدها بالنقل هي الغاية في الوثاقة إذ لا يبقى شبهة في صحة الدليل الذي تطابق فيه العقل والنقل قطعا بخلاف دلائل العلم الإلهي فإن مخالفة النقل إياها شهادة عليها بأن أحكام عقولهم بها مأخوذة من أوهامهم لا من صرائحها فلا وثوق بها أصلا وهذه الأمور المذكورة في شرف علم الكلام أعني معلومه وغايته هي جهات شرف العلم لا تعدوها أي لا تتجاوز جهات الشرف هذه الأمور التي ذكرناها وأما كون مسائل العلم أقوم فراجع إلى فضيلة الدلائل ووثاقتها فهو فالكلام إذا شرف العلوم بحسب جميع جهات الشرف
صفحه ۴۲