الثاني أن موضوع العلم لاا يبين فيه وجوده وذلك لأن المطلوب المبين في العلم إثبات الأعراض الذاتية لموضوعه ولا شك أنه متوقف على وجوده فلا يكون وجوده عرضا ذاتيا مبينا فيه وإلا لزم توقفه على نفسه واعترض عليه بأن إثبات العرض الذاتي الذي هو غير الوجود متوقف عليه وأما إثباته فلا محذور فيه أصلا وأجيب بأن الوجود المطلق مشترك بين الموجودات بأسرها فلا يكون عرضا ذاتيا لشيء منها وأما الوجود الخاص بواحد منها فهو جزئي حقيقي لا يحمل على شيء قطعا وربما يقال لما امتاز الوجود عما عداه من الأعراض الذاتية بتوقفها عليه لم يستحسنوا أن يجعل معها في قرن فيطلب إثباته مع إثباتها في علم واحد فيلزم إذا كان موضوع الكلام ذاته تعالى إما كون إثبات الصانع بينا بذاته فلا يحتاج إلى بيان أصلا أو كونه مبينا في علم أعلى سواء كان شرعيا أو لا فإن بيان وجود الموضوع إنما يجوز في الأعلى الذي هو أعم موضوعا دون الأدنى لأن الأخص يثبت في الأعم بانقسامه إليه وإلى غيره دون العكس
والقسمان يعني كون إثباته تعالى بينا بذاته وكونه مبينا في علم أعلى من الكلام باطلان أما بطلان الأول فمما لا ينبغي أن يشك فيه وأما بطلان الثاني فقد خالف فيه الأرموي حيث جوز أن يكون ذاته تعالى مسلم الآنية في الكلام مبينا في العلم الإلهي الباحث عن أحوال الموجود بما هو موجود المنقسم إلى الواجب وغيره وهو مردود بأن إثباته تعالى هو المقصد الأعلى في علمنا هذا وأيضا كيف يجوز كون أعلى العلوم الشرعية أدنى من علم غير شرعي بل احتياجه إلى ما ليس علما شرعيا مع كونه أعلى منه مما يستنكر أيضا فإن قلت المعلوم الذي جعلته موضوع الكلام ماذا حال آنيته قلت هي بينة بذاتها غير محتاجة إلى بيان كآنية الموجود الذي هو موضوع العلم الإلهي ولا نعني بآنيتهما سوى حملهما على غيرهما إيجابا فتدبر وقيل هو أي موضوع الكلام الموجود بما هو موجود أي من حيث هو هو غير مقيد بشيء والقائل به طائفة منهم حجة الإسلام
صفحه ۳۸