وبعد فإن أنفع المطالب حالا ومالا وأرفع المآرب منقبة وكمالا وأكمل المناصب مرتبة وجلالا وأفضل الرغائب أبهة وجمالا هو المعارف الدينية والمعالم اليقينية إذ يدور عليها الفوز بالسعادة العظمى والكرامة الكبرى في الآخرة والأولى وعلم الكلام في عقائد الإسلام من بينها شأنا وأقواها برهانا وأوثقها بنيانا وأوضحها تبيانا فإنه مأخذها وأساسها وإليه يستند اقتناصها واقتباسها بل هو كما وصف به رئيسها ورأسها ومما صنف فيه من الكتب المنقحة المعتبرة وألف فيه من الزبر المهذبة المحررة كتاب المواقف الذي إحتوى من أصوله وقواعده على أهمها وأولاها ومن شعبه وفوائده على ألطفها وأسناها ومن دلائله العقلية على أعمدها وأجلاها ومن شواهده النقلية على أفيدها وأجداها كيف لا وقد انطوى على خلاصة أبكار الأفكار وزبدة نهاية العقول والأنظار ومحصل ما لخصه لسان التحقيق وملخص ما حرره بنان التدقيق في ضمن عبارات رائقة معجزة وإشارات شائقة موجزة فصار بذلك في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار واستمال إليه بصائر أولي الأبصار من أذكياء الأمصار والأقطار فاستهتروا بكنوز عباراته الجامعة ولم يجدوا عليها دليلا واستهيموا برموز إشاراته اللامعة ولم يهتدوا إليها سبيلا فاجتمع إلي نفر من أجلة الأحباب المتطلعين إلى سرائر الكتاب واقترحوا علي أن أكشف لهم عن مخدراته الأستار وأبرز لهم من نقاب الحجاب هاتيك الأسرار ليجتلوها بأعينهم متبرجات بزينتها متبخترات بمحاسن فطرتها فأسعفتهم إلى ذلك متمسكا بحبل التوفيق ومستهديا إلى الطريق وشرحته بحمد الله سبحانه شرحا يذلل من شوارده صعابها ويميط عن خرائده نقابها يهتدي به السادي إلى لب الألباب ويطلع به الناشي على التعجب العجاب وضمنته جميع ما يحتاج إليه من بيان ما فيه وما له وما عليه مراعيا في ذلك شريطة الإنصاف مجانبا عن طريقة الاعتساف ولما تيسر لي إتمامه وختم بالخير اختتامه خبرت بالدعاء لمن أيده الله بالسلطنة العظمى والخلافة الكبرى وزاده بسطة في الفضل والندى وشيد ملكه بجنود لا قبل لها من العدى وأمده بمعقبات من السموات العلى يحفظونه من بين يديه ومن خلفه بأمر ربه الأعلى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ليحق به الحق ويقطع دابر الكافرين ويبطل به الباطل ويشفي غيظ صدور قوم مؤمنين ويجعل له لسان صدق في الآخرين ويرفع مكانه يوم الدين في أعلى عليين وما هو إلا حضرة المولى السلطان الأعظم والخاقان الأعلم الأكرم مالك رقاب الأمم من طوائف العرب والعجم المختص من لدن حكيم عليم بفضل جسيم وخلق عظيم ولطف عميم شمل الورى ألطافه وعمهم أعطافه وصانهم أكنافه من كل ما لا يرتضي مكارمه لا تحصى ومآثره لا تستقصى
مولى عطاياه سمت فوق المدى ... وتباعدت عن رتبة الإدراك
الدر والدرى خافا جوده ... فتحصنا في البحر والأفلاك
من التجأ إلى جنابه يجد له مكانا عليا ومن أعرض عن بابه لم يجد له نصيرا ولا وليا إذا هم بمنقبة أمضى وإذا عن له مكرمة أسرع إليها ومضى
عزماته مثل السيوف صوارما ... لو لم يكن للصارمات فلول
ناشر العدل والإحسان على الأنام وباسط الأمن والأمان في الأيام هو الذي رفع رايات العلم والكمال بعد انتكاسها وعمر رباع الفضل والإفضال بعد اندراسها فعادت رياض العلوم إلى روائها مخضرة الأطراف وآضت حدائقها إلى بهائها مزهرة الجوانب والأكناف ملجأ سلاطين العالم بالاستحقاق ومفخر أساطين بني آدم في الآفاق السلطان المؤيد المنصور المظفر غياث الحق والدولة والدين بير محمد اسكندر خلد الله ملكه وسلطانه وأفاض على العالمين بره وإحسانه
وهذا دعاء لا يرد لأنه ... صلاح لأصناف البرية شامل
صفحه ۷