الثاني: قيل: قول الصحابي حجة , وقيل: إن خالف القياس , وقال الشافعي في القديم إن انتشر ولم يخالف , لنا قوله تعالى: " فاعتبروا " يمنع التقليد , وإجماع الصحابة على جواز مخالفة بعضهم بعضا , وقياس الفروع على الأصول , قيل: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " , قلنا , المراد عوام الصحابة , قيل: إذا خالف القياس , فقد اتبع الخبر , قلنا: ربما خالف لما ظنه دليلا ولم يكن.
مسألة: منعت المعتزلة تفويض الحكم إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم والعالم لأن الحكم يتبع المصلحة , وما ليس بمصلحة لا يصير بجعله إليه مصلحة.
قلنا: الأصل ممنوع , وإن سلم فلم لا يجوز أن يكون اختياره أمارة المصلحة وجزم بوقوعه موسى بن عمران لقوله عليه الصلاة والسلام بعدما أنشدت ابنة النضر بن الحارث: " لو سمعت ما قتلت " , وسؤال الأقرع في الحج: أكل عام يا رسول الله؟ فقال: " لو قلت ذلك لوجب " ونحوه , قلنا: لعلها ثبتت بنصوص محتملة الاستثناء وتوقف الشافعي رضي الله عنه.
الكتاب السادس
في التعادل والتراجيح
وفيه أبواب
الباب الأول
في تعادل الأمارتين في نفس الأمر
منعه الكرخى , وجوزه قوم , وحينئذ فالتخيير عند القاضي وأبي على وابنه , والتساقط عند بعض الفقهاء , فلو حكم القاضي بإحداهما مرة لم يحكم بالأخرى أخرى , لقوله عليه السلام لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: " لا تقض شيء واحد بحكمين مختلفين ".
مسألة: إذا نقل عن مجتهد قولان في موضع واحد , يدل على توقفه , ويحتمل أن يكونا احتمالين , أو مذهبين , وإن نقل في مجلسين , وعلم المتأخر منهما فهو مذهبه وإلا حكي القولان , وأقوال الشافعي رضي الله عنه كذلك , وهو دليل على شأنه في العلم والدين.
الباب الثاني
صفحه ۵۲