الثانية: قال النظام والبصري وبعض الفقهاء: إن التنصيص على العلة أمر بالقياس وفرق أبو عبد الله بين الفعل والترك , لنا أنه إذا قال: حرمت الخمر لكونها مسكرة يحتمل علية الإسكار مطلقا , وعلية إسكارها , قيل: الأغلب عدم التقييد , قلنا: فالتنصيص وحده لا يفيد , قيل: لو قال علة الحرمة الإسكار لا ندفع الاحتمال , قلنا فيثبت الحكم في كل الصور بالنص.
الثالثة: القياس إما قطعي , أو ظني فيكون الفرع بالحكم أولى كتحريم الضرب على تحريم التأفيف , أو مساويا: كقياس الأمة على العبد في السراية , أو أدون كقياس البطيخ على البر في الربا.
قيل: تحريم التأفيف يدل على تحريم أنواع الأذى عرفا , ويكذبه: قول الملك للجلاد اقتله ولا تستخف به , قيل: لو ثبت قياسا لما قال به منكره , قلنا: القطعي لم ينكر , قيل: نفى الأدنى يدل على نفى الأعلى , كقولهم: فلان لا يملك الحبة ولا النقير ولا القطمير، قلنا أما الأول فلأن نفى الجزء يستلزم نفي الكل , وأما الثاني: فلأن النقل فيه ضرورة , ولا ضرورة هنا.
الرابعة: القياس يجري في الشرعيات حتى الحدود , والكفارات , لعموم الدلائل وفي العقليات عن أكثر المتكلمين , وفي اللغات عند أكثر الأدباء , دون الأسباب والعادات كأقل الحيض وأكثره.
الباب الثاني: في أركانه
إذا ثبت الحكم في صورة المشترك بينهما وبين غيرها تسمى الأولى أصلا , والثانية فرعا , والمشترك علة وجامعا , وجعل المتكلمون دليل الحكم في الأصل أصلا والإمام الحكم في الأولي أصلا والعلة فرعا , وفي الثانية بالعكس , وبيان ذلك في فصلين:
الفصل الأول
في العلة
وهي المعرف للحكم, قيل: المستنبطة عرفت به فيدور قلنا: تعريفه في الأصل , وتعريفها في الفرع, فلا دور, والنظر في أطراف:
الطرف الأول: في الطرق الدالة في العلية:
صفحه ۴۳