فقل : سألت عن هذه المسألة قبل هذا فأجبناك، فإن كنت غير قانع فاسأل تجب إن شاء الله. إن كنت تريد بقولك أين هو في مكان دون مكان هو فيه ساكن، فالله يتعالى عن السكون في الأماكن. وإن كنت تريد أين هو على إنفاء السكون والحواية والتمكن، فإنه في كل مكان وبكل مكان،لا على الحواية والتمكن والسكون. وليس كشيء في شيء،/[4] ولا كشيء مع شيء، ولا كشيء داخل في شيء، ولا كشيء خارج من شيء (¬1) . ، ولا كشيء مفارق لشيء، أو كشيء ملاصق لشيء (¬2) ،ولا كشيء مجاوز لشيء، وهو بكل مكان وفي كل مكان لا على ما تتوهم من كون الأشياء في الأشياء (¬3) . تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
[ الرد على من زعم أن الله لم يزل ساكنا في الأزل ]
¬__________
(¬1) - لأن الدخول والخروج من صفات الأجسام ، ولا يقال : الله داخل ولا خارج ، ولا داخل في الأشياء ، ولا خارج من الأشياء = =وقد أجاز العلماء أن يقال : الله داخل في صفات القدم خارج من صفات الحدث ، ولا يقال داخل في صفاته هكذا ، وأما أن يقال: خارج من صفات الخلق فهو عندهم جائز .
(¬2) - فهما أيضا صفتان من صفات الجسم التي هو غير منفك منها ، إما مجامع أو مفارق، غير أنه لا يكون الجسم مجامعا للشيء مفارقا له في حالة واحدة . فإذا جامعه بطل أن يكون مفارقا له في تلك الحال ، وكذلك إذا كان مفارقا له فهو غير مجامع له في تلك الحال ، ولا يكون أن يجامع الجسم شيئين في حال واحدة ، لأن مجامعته لشيء مبطلة عنه مجامعته لغيره ، والمفارقة كذلك ، والاجتماع ضده الافتراق، وهما عرضان يتعاوران على الجسم كتعاور الحركة والسكون عليه .
(¬3) - يريد بالأشياء هاهنا الأجسام ، أي من كون الأجسام بعضها في بعض .
صفحه ۱۷