قال: أعبد من أعرف أنه كما وصف نفسه، ولا أعبد المجهول (¬1) .
فإن قال قائل : من ربك وما دينك ومن نبيك، وما إمامك وما قبلتك وما قائدك في الدين ؟
¬__________
(¬1) - صدق صاحب الكتاب لأن الله - عز وجل - معروف غير مجهول يعرف بالدلالة الواضحة التي جعلها في صغير الخلق وكبيره ، وقد دل على معرفته في كتابه على ألسنة رسله ، وقد سأل فرعون موسى عليه السلام فقال : (( وما رب العالمين )) ( الشعراء:24) فأجابه عليه السلام بأن قال :( رب السماوات والأرض وما بينهما إن موسى كنتم موقنين )) (الشعراء:25) فقال فرعون لمن حوله: ألا تسمعون، أنا أسأله عن ربه وهو يجيبني عن السماوات والأرض . ثم زاد موسى جوابا ثانيا فقال: (( ربكم ورب آبائكم الأولين)) (الشعراء:27) فقال فرعون : ( إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ، أسأله عن شيء ويخبرني عن شيء )) . فلما رآه عليه السلام متجاهلا مباهتا، أجابه موسى عليه السلام بجواب ثالث مما لا يجد له= = مدفعا ، فقال : (( رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون))( الشعراء:28) لأن هذا مما لا يقدرون له على جحود ولا إنكار لأنها تطلع لهم في كل بكرة ، وتغيب كل عشية . فلما أن سمع عدو الله ما لا يقدر على دفعه صار إلى المكابرة والمباطشة فقال : (( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ))(الشعراء: 28/29). ففي كل ذلك يدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ربه بما ظهر من بدائع أفعاله مما لا يقدر متعاط على مثلها ولا منكر على جحود ها .
صفحه ۳۳