بعبادة غير الله وما بذلك بعثني الله ولا بذلك أمرني أو كما قال ﷺ فأنزل الله ﷿ في ذلك ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .
قوله: ﴿ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي ما ينبقي لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يقول للناس أعبدوني من دون الله أي مع الله وإذا كان هذا لا يصح لنبي ولا لمرسل فلأن لا يصح لأحد من الناس بطريق الأولى والأخرى.
ولهذا قال الحسن البصري: لا ينبغي هذا المؤمن أن يأمر الناس بعبادته وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم بعضا يعني أهل الكتاب وقوله: ﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ﴾ أي بعبادة أحد غير الله لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ﴿أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أي لا يفعل ذلك لأن من دعا إلى عبادة غير الله فقد دعا إلى الكفر والأنبياء إنما يأمرونكم بالايمان وعبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ وقال تعالى: في حق الملائكة: ﴿وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ انتهى.
وهو في غاية الوضوح وبيان التوحيد وخصائص الربوبية والالهية ونظائر هذه الآيات كثيرة في القرآن وفي السنة من الأحاديث كذلك فإذا كان من المستحيل عقلا وشرعا على رسول الله ﷺ وهو وجميع الأنبياء والمرسلين أن يأمروا أحدا بعبادتهم فكيف جاز في عقول هؤلاء الجهلة أن يقبلون قول صاحب البردة.
1 / 42