مطالع التمام
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
ژانرها
أقول : ليس هذا بشيء، لأنه ان أراد تفسير المصلحة بما هي مصلحة أعم من أن تكون معتبرة أو ملغاة، فليس ما ذكر حاصلها. إذ من أقسام المصالح مطلقا: معتبرها، وملغاها، ومرسلها ما كان خالصا عن المفسدة، كما أن منها: ما كان راجحا، وهو جلب خير الخيرين، ودفع شر الشرين. وان أراد تفسيرها بغير كونها مرسلة، فمعنى الإرسال الا يشهد لنوعها أولجنسها القريب شاهد، اعتبارا وإلغاء. ثم هذا ليس فيه على زعمه الا تقسيم المصالح المرسلة وقد مضى ما فيه.
فإن أراد أن أخذ المال للردع شر قليل يدفع به شر كثير، فقد بينا أن شرع أخذ الخطايا، وهي المال، في الجنايات شر كبير كثير يشمل على مناكر ومحرمان سبق ذكرها. ثم هو داعية إلى كثرة المعاصي لا وازع عنها. فإن شئت، فراجع ما سبق، يتبين لك ذلك.
قال: والقاعدة الثانية: الكليات التي أجمعت الملل على حفظها. الأولى حفظ الأديان، ومن أصلها شرع الجهاد، وهي آكدها، ثم حفظ الأبدان، ومن أجل ذلك شرع القصاص.
أقول: لذلك تزيد المال في الجراح والقطع والقتل، وتجعله عوضا عن القصاص. ولو علم الله خيرا فيما قلته، لشرعه.
قال: لقوله "ولكم في القصاص حياة"(¬1)
أقول: نعم، ولم يقل: ولكم في أخذ الدنانير والدراهم حياة، ولا: ولكم في أخذها من الجاني، وجعلها في بيت المال حياة، ولا: ولكم في حبسها عن صاحبها، حتى يصلح حاله حياة، ولا: في الصدقة بها حياة، وهذا جميع الذي قلت، تأخذ به.
قال: وإذا كان الإنسان يعلم انه إذا قتل قتل، كان ذلك أبعد له عن القتل.
أقول: وان علم أنه أن قتل غرم المال، فانه اقرب وأدعى إلى القتل.
أقول: قالته العرب في جاهليتها، ولم يسع في عقولها أن تجعل غرم المال زاجرا عن القتل وغيره، كما زعمت.
قال: ثم حفظ الانساب، ومن ثم شرع الحد.
صفحه ۱۷۹