مطالع الدقائق في تحرير الجوامع والفوارق
للإمام جمال الدين الأسنوي
(١)
تحقيق فضيلة الدكتور نصر الدين فريد محمد واصل
مفتي الديار المصرية السابق
دار الشروق
1 / 1
مطالع الدقائق في تحرير الجوامع والفوارق
للإمام جمال الدين الأسنوي
المتوفي سنة ٧٧٢ هـ
(١)
دراسة لفضيلة الدكتور نصر الدين فريد محمد واصل
مفتي الديار المصرية السابق
دار الشروق
1 / 2
طبعة دار الشروق الأولى
٢٠٠٧
جميع حقوق الطبع محفوظة
دار الشروق
٨ شارع سيبويه المصرى
مدينة نصر - القاهرة - مصر
تليفون: ٢٤٠٢٣٣٩٩
فاكس: ٢٤٠٣٧٥٦٧ (٢٠٢)
email: [email protected]
www.shorouk.com
1 / 4
مقدمة الطبعة الأولى للقسم الأول "الدراسى"
الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق اللَّه أجمعين وخاتم النبيين والمرسلين محمد بن عبد اللَّه الهادى الأمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. . وبعد. .
فإن من فضل اللَّه علىّ أن هدانى وأعاننى على تحقيق هذا الكتاب تحقيقًا علميًا وتقديمه للباحثين وطلاب العلم ودقائق الفقه والمعرفة فى كنوز تراثنا العربى والإسلامى الأصيل، وذلك لإثراء المكتبة الإسلامية المطبوعة والمنشورة لخدمة الدين الإِسلامى وتشريعه العملى بين الناس جميعًا بالحكمة والموعظة الحسنة إلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها.
وهذا الكتاب المحقق "مطالع الدقائق فى تحرير الجوامع والفوارق" هو أحد كتب التراث الفقهى الإسلامى النادرة، التى تعد على أصابع اليد طيلة عصور التاريخ الفقهى والعلمى الإسلامى. ولهذه الأهمية فقد كان ذلك الكتاب هو موضوع رسالتى العلمية التى شرفنى اللَّه بها ونلت بها درجة العالمية "الدكتوراه" فى الفقه المقارن بمرتبة الشرف الأولى بالإجماع سنة ١٣٩٢ هـ/ ١٩٧٢ م من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر. وكانت لجنة المناقشة والحكم تتكون من: فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الغنى محمد عبد الخالق أستاذ الفقه والأصول وشيخ المحققين بالجامعة، وفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد أنيس عبادة أستاذ الأصول والفقه المقارن بالكلية، وفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور بدران أبو العينين بدران أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية فى كلية الحقوق جامعة الإسكندرية فى ذلك الوقت. وهم جميعًا من القمم العلمية الإسلامية المخلدة فى تاريخنا الإسلامى بفضلها على العلم وطلابه، وآثارها العلمية إلى ما شاء اللَّه ﷾.
1 / 5
ولحرصى الشديد على ألّا يطبع الكتاب وينشر إلّا تحت عينى ومراجعتى الخاصة؛ فقد تأخر نشره لمشاغلى العلمية الكثيرة العامة والخاصة إلى أن هيأ اللَّه لطبعه ونشره يدًا أمينة فى نشر التراث الإسلامى وحفظه وهى "دار الشروق"، فأذنتها بنشره لإثراء المكتبة الإسلامية وتيسير البحث فيها لطلاب العلم والفقه والمعرفة الإسلامية الصحيحة.
ندعو اللَّه ﷾ أن يوفقنا جميعا لما فيه خير الإسلام والمسلمين فى كل زمان ومكان. وآخر دعوانا أن الحمد للَّه رب العالمين.
دكتور نصر فريد واصل
مفتى الديار المصرية الأسبق
1 / 6
مقدمة التحقيق والدراسة العلمية
الحمد للَّه الذى هدانا لهذا، وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا اللَّه. . .
وبعد. .
فإن معالم الإسلام ومآثره الخالدة، كادت أن تنطمس فى أعين كثير من الناس، وتختلط عليهم وجوه الحق نتيجة لرواسب الجهالات التى كانت قد رانت على عقول أسلافهم، ولأنهم أصاخوا بآذانهم إلى حضارة الغرب، وافتتنوا بمدنيته الزاهرة، وأعجبوا بأنظمته وقوانينه السائدة، ونسو االتراث التشريعى الأصيل الذى خلده الإسلام، والذى مازالت حيويته تنطق بجدته وبتميزه وصلاحيته.
فقد فهم علماؤنا السابقون، وفقهاؤنا المتقدمون، ما فى شريعتهم من السعة والمرونة، والحيوية، فبذلوا كل ما يستطيعون فى التخريج والاستنباط، حتى أحاطوا بكثير من الفروع والجزئيات، وكادت هذه الفروع لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها.
وهذا ما يصور لنا الفكر التشريعى الإسلامى فكرًا موحد الهدف، متعدد النوع والموضوع، مختلف الأثر؛ لأنه قد استهدف مصلحة الأمة، أو مصلحة المجتمع، وذلك بمراعاته كل ما يحفظ عليه وحدته وتماسكه، ويحقق له أهدافه ويصون علاقات أفراده من الوهن والتفكك، ويوفر لهم الاستقرار والسلام، ويهيئ لهم بالأمن فرص العمل والرخاء، فما كان فيه المصلحة له فهو محل طلبه، وما كان فيه المضرة له فهو محل نهيه. وإن هذا أمر أجمع عليه فقهاء المسلمين وأثبته استقراء الأحكام، فلم يلاحظ فيه حكم ضار بالأمة، أو يزيد ضرره على نفعه، وما من حكم جاء به إلا كان نفعه أكبر من ضرره.
1 / 7
فقد مزج بين المصالح الدينية والدنيوية مزجا محوره سعادة الناس ومبناه الفضيلة بأتم معانيها، وليس لهذا من نظير حتى فى أرقى القوانين الوضعية. فهو إذن تام الأصول والأحكام، لم يدع شاردة ولا واردة إلا بينها، كل ذلك لينتظم أمر الحياة ويعيش المرء عيشة منتظمة يتفرغ منها لإعداد الزاد ليوم الميعاد.
ولقد دونت فى ذلك كله كتب نافعة، ومصنفات جامعة، تحتوى آراء أصحاب المذاهب وأقوال متبعيهم، وترجيحات مرجحيهم، حتى أصبحت المكتبة الفقهية الإسلامية غنية بهذه الثمرات الطيبة من آثار السلف التى تعد من أعظم مفاخر المسلمين، والتى شهد لها العالم كله، واقتبس منها واضعوا قوانينه فى الشرق والغرب، حتى أننا لنستطيع أن نقول إنه ما من تشريع وضعى عادل عرفه العالم إلا وهو مستمد من مذهب من مذاهب الفقهاء المسلمين، أو مندرج تحت قاعدة كلية، أو نص عام، أو خاص من نصوص الشريعة.
فالفقه الإسلامى إذن بأصوله وقواعده ومذاهبه هو المصدر الأعظم للتقنين والتشريع فى مختلف العصور، وكتبه ومصنفاته هى المراجع الأصلية لكل من أراد أن يستقى المنابع الصافية الشافية.
ومن الأدلة على ذلك، ما أقره مؤتمر القانون الذف عقد فى "لاهاى" سنة ١٩٣٨ م، فقد تقرر فيه اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرًا مهمًا من مصادر التشريع وذلك بعد أن أشاد الأعضاء الأجانب -على اختلاف مللهم- بأحكام تلك الشريعة.
ولقد آمن بذلك فى أيامنا كثير ممن كانوا لا يؤمنون به من قبل، واتجهت الأنظار إلى هذا الفقه الإسلامى رغبة فى الإفادة منه، والتعويل عليه، والاقتباس من أحكامه فى مختلف مذاهبه.
ولئن طغى فى عصرنا سيل الأفكار الأجنبية حينًا من الزمان، لاسيما فيما يمس تعاليم الإسلام، فإنه سرعان ما برزت إلى الوجود نهضة علمية وثَّابة، وهمة جبارة ترد الحق إلى نصابه، وتبين متاهات الضلال.
غير أننا قد وجدنا البعض يردد: "قد يحول دون الانتفاع بهذا التشريع الفقهى. . صعوبة الكتب التى احتوته من ناحية الترتيب، والتبويب، بل وصعوبة الحصول على مراجعه الأصيلة؛ فإن أغلبها -بل وأثمنها مادة- ما زال مخطوطًا
1 / 8
ومبعثرًا فى مكتبات العالم. . حتى الكتاب الواحد قد وجدنا أجزاءه متفرقة فى هذه المكتبات".
فكان ولا بد من عمل يعيد إلى هذه الكتب وإلى الفقه الإسلامى، عصره الذهبى، ويقربه من ميدان البحث حتى يستقى الباحثون ويشفوا ظمأهم منه.
وحينما أتيحت لى الأسباب، قاسيت هذه التجربة بنفسى -تجربة البحث فى بحور الفقه الزاخرة، ومحيطاته الشاسعة- ولولا ما وجدت من كنوز نادرة وثمار يانعة، لأثنانى الجهد عن الغوص فيها، أو البحث عنها.
وفى هذا -ولا شك- تدريب على العمل الشاق الذى ينتظرنا جميعًا. . لخدمة العلم والدين، وتقديمه سهلًا يسيرًا فى ثوب يليق وسماحة الإسلام.
ويرجع ذلك إلى الزمن الذى هيأنى اللَّه فيه لتحمل عبء هذه التجربة الجديدة على كل باحث مثلى، والتى كان لا يقدر عليها إلا الأساتذة الكبار والعلماء الأجلاء الذين أمضوا حياتهم فى ميدان البحث والتقصى.
لقد تخرجت من كلية الشريعة والقانون فى سنة ١٣٨٥ هـ (١٩٦٥ م)، ثم حصلت على درجة التخصص (الماجستير) شعبة الفقه المقارن فى سنة ١٣٨٨ هـ (١٩٦٧ م). فكان ولا بد أن أهيئ نفسى لمرحلة ثالثة وأخيرة من مراحل التعليم المنتظم - ألا وهى مرحلة التخصص (الدكتوراه) فى الفقه المقارن، حيث هى الدراسة الميدانية والتطبيق العملى لجميع المراحل التى مرت قبلها.
ولقد أحسست فعلًا بمدى الصعوبات التى ستقابلنى، والجهد الذى يجب أن يبذل -من أولى وهلة- حينما فكرت فى السير على هذا الطريق.
وكانت أولى هذه الصعوبات هو اختيارى موضوع "البحث والدراسة"، وقضيت فى ذلك وقتًا ليس بالقصير فى تفكير عميق حول الموضوع الذى يمكن أن أقدم ثمرته لقارئه. . وطالت بى الحيرة، وظللت أكثر من عام أقرأ وأنقب عن الموضوع الذى يمكن أن أقدم فيه الجديد فى خدمة البحث والعلم. . وأخيرًا كان هناك أكثر من موضوع وقع عليه اختيارى. . وعرض على بساط البحث.
1 / 9
ولقد حاولت فعلًا أن أستقر على أحد الموضوعات التى عالجها الفقه الإسلامى اتباعًا للمنهج الذى سبقنى إليه من سار فى هذا الميدان.
وفجأة، وحينما كنت أتردد على المكتبات العامة لاستكمال خطة البحث بالتزويد من أمهات الكتب الفقهية - أوقفنى واستلفت نظرى ما وجدته مخطوطًا من تراثنا الإسلامى العظيم، ليس فى مجال الفقه وحده بل فى جميع المجالات المختلفة.
ولقد تبين لى أن ما ظهر لنا فى مجال الفقه من كتب مطبوعة إنما هو قليل من كثير، وأن هناك ثمارًا يانعة حلوة المذاق، هى فى أشد الحاجة إلى من يقطفها ويتغذى هو وغيره عليها.
وعلى الفور قمت بعرض فكرة تسجيل الرسالة فى تحقيق أحد المخطوطات الفقهية على أستاذ التحقيق بالكلية، ورئيس قسم الأصول بها (الأستاذ عبد الغنى محمد عبد الخالق) فلقيت منه العناية والتشجيع، ووجدته صاحب هذه الفكرة، وأستاذ جامعتها، وسجلت فى تحقيق كتاب "مطالع الدقائق فى تحرير الجوامع والفوارق" للإمام جمال الدين عبد الرحيم الأسنوى المتوفى سنة ٧٧٢ هـ.
ولقد كانت رغبتى فى تحقيق إحدى المخطوطات عامة ترجع إلى العوامل الآتية:
أولًا: الإسهام بقدر الإمكان فى تحقيق التراث الإسلامى والمحافظة عليه وإبرازه فى ثوب جديد يشجع على النظر والبحث، والأخذ منه لجميع التشريعات المحلية والعالمية، ولدفع ما يتعلل به المحجمون عن الأخذ منه.
فقد ذكر فى مؤتمر "لاهاى" -بعد أن تقرر فيه أن الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع- أن من العقبات دون هذا الغرض الكريم، عسر فهم الشريعة من مصادرها الحالية لكثرتها وتشعبها، ونأيها عن الطرق المذللة التى جرت عليها دراسة القانون.
وهذا ما تعلل به بعض الكاتبين (١) المصريين عندما أثيرت "قضية الشريعة الإسلامية فى الدستور الدائم الجديد لجمهورية مصر" باعتبارها المصدر الرئيسى
_________
(١) جماد الدين العطيفى (الأهرام) فى ٢١ جمادى الأولى سنة ١٣٩١ هـ ١٤ يوليه سنة ١٩٧١ م، فى مقال له بعنوان "قضية الشريعة الإسلامية والدستور الدائم" ص: ٥.
1 / 10
للتشريع -فقد دعا إلى أن يكون النص هو "مبادئ الشريعة" بدلًا من "الشريعة" متعللًا بما تعلل به فى مؤتمر "لاهاى"- السابق الإشارة إليه. وللأسف فقد أخذ بقوله، وهو الذى أصبح مستقرًا ومعمولًا به فى الدستور الجديد.
ومما جاء فى هذا المقال: ". . ومن هذا يتبين أن الدعوة إلى النص على أن تكون الشريعة الإسلامية هى "المصدر الرئيسى" للتشريع يجب أن يلاحظ فيها أن الفقه الإسلامى لم يدون فى معظمه، ولا يزال مدفونًا فى بطون الكتب موزعًا بين مذاهب أربعة، ومدارس مختلفة، ويجب أن يلاحظ فيها أن مجتمع القرن العشرين بمشكلاته الحديثة، وتقدمه العلمى المذهل فى الذرة، وغزو الفضاء، وفى ارتباط أجزاء العالم ببعضها، والتزاماته الدولية - أصبح يحتاج إلى مزيد من الاجتهاد واستحداث أحكام توائم هذه الظروف المتغيرة".
ومما قاله أيضًا تحت عنوان "المعاناة فى البحث":
"وإن الاقتراح الذى يرى أن ينص دستورنا الجديد على أن تكون "الشريعة الإسلامية" المصدر الوحيد للتشريع - اقتراح يخشى لو أخذ به أن يصرف مجتمع قوى الشعب العامل عن الاجتهاد فى إيجاد حلول لمشكلاته، ويزكى نزعة الجمود والتقليد. كما يخشى معه أن يصبح باب البحث والتعرف على المصادر الشرعية مقصورًا على نفر قليل تمرس على الرجوع إلى كتب الفقه الإسلامى، ومعظمها ليس مفهرسًا، ولا يسير على نهج واحد فى عرض المسائل" ا. هـ.
ومع أن الكلام السابق مبنى فى أغلبه على المغالطة، أو القصور فى استيعاب معنى الشريعة، أو البحث فى مراجعها الكثيرة. إلا أنه على جانب من الصحة.
ولذلك كان لزامًا علينا تنقية الفقه الإسلامى مما أصابه من جمود أو غموض قد يعترض الباحث فى العصر الحديث، فيثنيه عن الأخذ منه أو العزوف عنه وعن نشره على صورة تشجع أصحاب الثقافات القانونية المختلفة على الأخذ منه، والعمل به والنهضة بالمجتمعات على يديه.
ثانيًا: مقاومة الغزو الاستعمارى الهدام، والمحافظة على تراثنا الإسلامى من أن تمتد إليه يد العابث الماجن، الحاقد على الإسلام -بالإهلاك، أو بالتبديل تحقيقًا لبغيته الخبيثة- وهى القضاء على دولة الإسلام -وما لقيه التراث الإسلامى على يد
1 / 11
المستعمرين الأوائل من إهلاك وتدمير فى عصر التتار والحروب الصليبية- ليس بعيدًا ولا يخفى على أحد، وقد تكلمنا عن هذا الموضوع فى محله بتفصيل، وذلك فى الباب الأول للرسالة (١).
وإن التاريخ الآن يعيد نفسه، ونحن أمام تجربة قاسية لامتحان إرادتنا، وقوة إسلامنا وتماسكنا، بعد أن بدأ الغزو الاستعمارى الصليبى يهددنا من جديد، ممثلًا فى أداة الصهيونية العالمية (إسرائيل) التى تحتل جزءًا ليس بالقليل من أرض الإسلام والسلام، ومقدساته الغالية الطاهرة فى القدس الشريف وفلسطين وغيرها.
والصليبية الغربية دائمًا بالمرصاد، وهى نهّازة للفرص، فإذا وجدت ثغرة تنفذ منها إلى النيل من الإسلام وإصابة مقاتله، فهى تهتبلها لا محالة.
ثالثًا: مقاومة الغزوين الثقافى والتشريعى الأجنبيين. وذلك، بتشجيع الباحثين الذين احتوتهم ثقافة الغزو القانونى الغربى على قطع هذه التبعية، والأخذ من الشريعة الإسلامية، وإعادة الثقة إليهم فى تراثنا الفقهى العظيم -وخاصة أنه قد استقر فى دستور "جمهورية مصر" الجديد على أن: "مبادئ الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيسى للتقنين" كما استقر فى دستور دولة اتحاد الجمهوريات العربية على أن الشريعة الإسلامية "مصدر رئيسى للتشريع".
وأمام هؤلاء الآن مجال رحب لإعادة البناء الاجتماعى على أسس إسلامية سليمة، والخلاص إلى الأبد من آثار الثقافة الغربية الهدامة فى أفكارنا وتقاليدنا ومعاملاتنا.
ففى الغزوين الثقافى والاجتماعى اللذين رمتنا بهما الصليبية كان حرصها باديًا على ضرورة إقصاء التشريع الإسلامى وإحلال القوانين الغربية محله.
وقد بدأ ذلك فى مصر من عهد "محمد على باشا" رأس الأسرة المالكة التى قضت عليها الثورة المصرية. وهكذا أصيب التشريع الإسلامى بضربة موجعة منذ زمن بعيد، إلى أن تحركت أمتنا تسترد حريتها، وتستعيد مكانتها، وتعتز بتراثها.
_________
(١) سيأتى ذلك عند الكلام عن العوامل التى ساعدت على ازدهار الفقه فى القرن الثامن الهجرى. فى الفصل الرابع.
1 / 12
وصدر فى مصر دستور سبتمبر سنة ١٩٧١ م، وأخذ التشريع الإسلامى طريقه إلى الحياة من جديد.
* * *
كان هذا هو السبب العام فى اتجاهى نحو تحقيق التراث. أما السبب الخاص فى اختيارى لتحقيق هذا الكتاب بالذات، (مطالع الدقائق فى تحرير الجوامع والفوارق) دون غيره فقد يرجع إلى العوامل الآتية:
أولًا: ما شاع وما عرف عن الإمام الأسنوى من أنه أصولى لا "فقيه" أو على الأقل هو أبرز منه فى الأصول دون الفقه.
فأردت أن أحقق شخصيته من خلال التحقيق لكتابه "الفروق الفقهية" والذى ظهر لى أن العكس صحيح، فقد غلب عنده الفقه على الأصول.
ثانيًا: إبراز ما احتواه الكتاب -مع قلة حجمه- من جواهر ونفائس قل أن توجد فى غيره، فكان من الواجب إبرازها وإخراجها للناس فى ثوب يشجع الباحثين على ارتياده والأخذ منه.
ثالثًا: ندرة هذا النوع من التآليف، فهو قليل جدًا بالنسبة إلى غيره من التأليف الأخرى، فكان من الأجدر إظهاره للعالم فى ثوب قشيب حتى يستفيد منه الباحثون، ويعول عليه الناظرون.
ولقد كانت خطتى لتحقيق هذا الكتاب تقوم على تقسيم منهج البحث إلى قسمين منفصلين يكمل كل منهما الآخر.
أ- القسم الأول:
وخصصته لدراسة المؤلف.
ب- القسم الثانى:
وخصصته لتحقيق ودراسة النص.
وقد قسمت خطة البحث بالنسبة للقسم الأول إلى تمهيد، وبابين، وخاتمة.
1 / 13
تكلمت فى التمهيد عن الأحوال التى مر بها الفقه الإسلامى حتى القرن الثامن الهجرى، فالفقه مثله مثل كل كائن يتدرج من المهد إلى الكمال، ويصيبه الضعف حينا، والقوة تارة أخرى، ومن هنا كانت حاجتنا إلى دراسة هذه الأطوار التى مر بها، كى يقف الباحث على عصر المؤلف بكل ما يحمله وما يحويه من آثار، هى ثمرة الحركة العلمية فيه.
ثم خصصت الباب الأول للكلام عن الحركة العلمية فى القرن الثامن. وقد قسمت هذا الباب إلى خمسة فصول:
تكلمت فى الفصل الأول: عن مظاهر ومميزات النشاط الفكرى لهذا القرن.
وفى الثانى: عن سمة التأليف الفقهى والأصولى لهذا العصر.
وفى الثالث: عن أتمة فقهاء هذا القرن.
وفى الرابع: عن العوامل التى ساعدت على ازدهار الحركة العلمية فيه.
وفى الخامس: عن الآثار التى نتجت عن هذه الحركة أو "الإنتاج العلمى" لها.
ثم خصصت الباب الثانى لدراسة مؤلف الكتاب وهو الإمام جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن الأسنوى المتوفى سنة ٧٧٢ هـ.
وقد قسمت هذا الباب إلى فصول ثلاثة:
تكلمت فى الفصل الأول: عن نسبه، ومولده، ونشأته، وحياته، واشتغاله بالسياسة والإدارة، وثقافته، وفقهه. ثم تكلمت فى الفصل الثانى: عن العوامل التى ساعدت على تكوين ثقافة الأسنوى العلمية وازدهارها، وبينت فى هذا العامل أخلاقه وصفاته، ومكانته العلمية، وشيوخه، وأقرانه.
ثم تكلمت فى الفصل الثالث عن: وفاته، وآثاره.
أما الخاتمة فقد خصصتها لعدة مباحث، هى فى الحقيقة ثمرة من ثمار هذا المجهود الذى بذل فى تحقيق هذا الكتاب، ولذلك آثرت أن أجعلها رابطة بين التمسمين الأول والثانى، فهى خاتمة بالنسبة للقسم الأول، ومقدمة بالنسبة للقسم الثانى، وهذا أنسب من وجهة نظرى.
1 / 14
والمباحث التى تناولتها فى الخاتمة هى:
١ - الفروق الفقهية.
٢ - السواك.
٣ - النية.
٤ - أعضاء التيمم.
٥ - الغسل من الجنابة.
٦ - بيع آلات اللهو والغناء.
أما القسم الثانى (التحقيق):
فلقد سرت فيه على المنهج الآتى:
أولًا: دراسة المخطوطات العربية فى العصور المختلفة حتى القرن الثامن الهجرى، وذلك لمعرفة أسلوب التأليف فى كل عصر على حدة، وطريقة النساخ فى كتابة ونقل هذه المؤلفات، حتى يمكننا التعرف على النسخ الخطية التى لا يتبين منها تاريخ نسخها، حيث إن لكل عصر طابعه الخاص به فى الكتابة، حسب الأطوار التى مرت بها من حيث التأليف والتصنيف.
ثانيًا: دراسة مؤلف الكتاب دراسة مستفيضة من جميع نواحيها لنتمكن بذلك من حصر مؤلفاته، ومعرفة منهجه فى الكتابة والتأليف، وذلك للتحقق من نسبة هذا الكتاب -موضوع التحقيق- إليه.
ثالثًا: حصر جميع النسخ التى وجدت للمؤلف فى جميع مكتبات العالم حسب المصادر التاريخية، والتى ظهرت لنا منها تسع نسخ: أربع منها لم نتمكن من الحصول عليها، وهى:
أ - نسخة بتركيا.
ب- نسخة بمكتبة بلدية الإسكندرية.
وهاتان النسختان هما اللتان أشار إليهما بروكلمان.
1 / 15
جـ - نسختان بمكتبة "الأوقاف العامة" ببغداد.
أما نسخة تركيا: فلم أهتد إليها أصلًا وذلك بعد جهد طويل وشاق شمل المكتبات الرسمية وغير الرسمية للمكتبة التى أشار إليها بروكلمان، كما شمل الاتصال بالسفارة التركية نفسها، والتى قامت -مشكورة- بعدة اتصالات بتركيا، ثم أبلغتنى مكاتبة بعدم العثور على هذه المكتبة.
كما شمل أيضًا: الاتصالات الشخصية لبعض الأفراد، ومنهم الطلبة الذين يدرسون بالأزهر من تركيا. حيث كلفت هذا النفر الذى سعيت إليه أن يبحث عن هذه المكتبة. كما كلفته بإحضار صورة منها على أي وجه كان -إن وجدت- بعد إعطائه التكاليف المطلوبة، ولكنه أيضًا لم يعثر على المكتبة. كما اتصلت بالمهتمين بالثقافة الشرقية، وخاصة التركية، ومنهم الأستاذ "نصر اللَّه شيراز" التركى المتخصص بقسم اللغات الشرقية بدار الكتب المصرية. وقد أرشدتنى إليه السفارة التركية، وقمت معه -بعد مقابلته- بمراجعة مكتبات تركيا وفهارسها فلم نعثر لها على أثر.
أما نسخة الإسكندرية: فلم أتمكن من الإطلاع عليها وذلك بسبب ظروف الحرب الراهنة؛ حيث إن جميع مخطوطات الإسكندرية كانت معبأة فى مخابئ لا يمكن الوصول إليها بأية حال، كما أخبرنى بذلك مدير مكتبة البلدية بنفسه، إلى درجة أننى قد حاولت معه بشتى الطرق واستعنت بشخصيات كبيرة مسئولة؛ ظنًا منى أنه بذلك يمكن تسهيل الأمر وإخراجها لى من التعبئة استثناء، ولكن بدون جدوى.
وأما نسختا بغداد، فقد أشار إليهما عبد اللَّه الجبورى صاحب تحقيق كتاب طبقات الشافعية للأسنوى، وذلك فى مقدمة التحقيق:
أ- إحداهما: برقم ١٣٨١٢ ضمن مجموعة فى (٦٠) ورقة.
ب- والثانية: برقم ٣٩٥٩.
ولم أتمكن من الاطلاع عليهما وعذرى فى ذلك أن أيًا من المراجع التاريخية أو الفهارس المكتبية لم تشر بذلك، كما أن الطبعة الأولى لكتاب طبقات الأسنوى
1 / 16
والتى أشارت إليهما لم تظهر إلا متأخرة، وبعد الانتهاء من تحقيقى للكتاب، ولم تصلنى إلا وقت الطبع.
وعلى كل فإننى قد وجدت أن ذلك لا يؤثر على تحقيق الكتاب ولا على العمل الذى قمت به لسلامة النص، لوجود النسخ الخمس الباقية، وفى هذا العدد ما يكفى لتحقيق الكتاب، وخاصة أن أيًا منها لم يشر أحد إلى أنها نسخة المؤلف. أما النسخ الخمس الباقية، والتى قام عليها التحقيق، فيوجد منها أربع نسخ بدار الكتب المصرية، والخامسة بمكتبة الجامع الأزهر الشريف.
وإليك وصفًا مجملًا لهذه النسخ:
١ - النسخة الأولى:
وهى بدار الكتب المصرية تحت رقم ٢٧٧ فقه شافعى، وعدد أوراقها ٦٤، ومسطرتها ٢٣ سطرًا ٢٥ × ١٦ سم، بقلم نسخ معتاد، ناقصة الشكل والنقط وشرطة الكاف فى غالب الأحوال. ورءوس المسائل كلها مكتوبة بالحبر الأحمر، وبها بياض كثير، غالبًا ما يكون مكان عنوان "مسألة" تركه الناسخ ليكتبه بالحبر الأحمر بعد ذلك ثم نسى. وهى خالية من الهوامش، اللهم إلا ما أشار إليه الناسخ من خطإ منه فى الكتابة.
وهذه النسخة كتبت بخط "أحمد الملوىّ" فى القرن التاسع الهجرى، ولم يبين فيها تاريخ بدء كتابتها أو الانتهاء منها. ولكنه أشار فقط إلى تاريخ الفراغ من تغليفه (تجليده) فى ١٩ ربيع الآخر سنة ٨٦٢ هـ (١٤٥٧ م). وقد أشار الناسخ إلى أن ذلك كان فى ثغر دمياط، المحروسة على يد المكنى بأبى هريرة محمد عمر بمدرسته "القوقانية" كما أنه لم يبين لنا النسخة التى نقل عنها، وإن كان يغلب على الظن أنها قد أخذت عن نسخة ابن العماد (شهاب الدين) تلميذ الأسنوى، وحيث إننا قد وجدنا له بعض الفروق التى لم يذكرها الأسنوى.
وقد أشار الناسخ عندها بقوله "انتهى كلام ابن العماد"، وإن كان لم يتأكد ذلك
1 / 17
إلى درجة اليقين. ولكن مما يقوى هذا الظن عندى أن هذه النسخة قديمة وقريبة العهد بالمؤلف نفسه وبابن العماد أكثر وأكثر.
وهذه النسخة مجلدة بجلد سميك نظيف، من مجلد الكتبخانة الخديوية المصرية، وهى كاملة ومذيلة.
وقد كتب أمام عنوان الكتاب وبخط مغاير "ملك الفقير محمد السريدانى".
٢ - أما النسخة الثانية:
فهى برقم ١٤٣١ فقه شافعى، بخزانة مخطوطات دار الكتب المصرية أيضًا كاملة، وتقع فى مائة ورقة، مرقمة الصفحات من ١ - ٢٠٠، ومسطرتها ١٨ سطرا ٢٤ × ١٦ سم، وهى بقلم نسخ معتاد حديث واضح بالحبر الكوبيا، والظاهر أنه طبع مطبعة بالوظة عن نسخة خطية؛ لأنه معاد على بعض الكلمات التى لم تظهر بالحبر الأسمر فى أماكن مختلفة من الكتاب بخط اليد. والنسخة ليس بها حواش إلا من كلمة "مطلب" أمام كل باب بالحبر الأحمر.
وهذه النسخة لم يعرف كاتبها، ولا الزمن الذى كتبت فيه ولا تاريخ الانتهاء منها. ولكن يوجد عليها خاتم كبير يوضح أنها من وقف السيد أحمد الحسينى السيد أحمد بن السيد يوسف الحسينى سنة ١٣٢٣ هـ (١٩٠٥ م) وأهديت إلى دار الكتب المصرية من حضرة السيد حسين الحسينى فى شهر سبتمبر سنة ١٩٢١ م، والخاتم على أول صفحة منها وعلى آخر صفحة، وهى مجلدة بجلد سميك حسن.
٣ - والنسخة الثالثة:
برقم ٣٧٢ أصول فقه، بدار الكتب المصرية، وهى مطابقة تمامًا للنسخة السابقة فى كل الأوصاف إلا من لون الحبر حيث إنه أزرق.
وهذه النسخة جيدة الورق والتغليف ولم توجد هذه النسخة فى فهرس الفقه، وإنما وجدت فى فهرس الأصول، وهى صورة طبق الأصل من النسخة رقم ١٤٢١
1 / 18
إلا أنه لا يوجد عليها إلا ختم صغير، وهو ختم (دار الكتب السلطانية) ومبين على أول صفحة بها أن تجليدها فى ٢٨/ ٢/ ١٣٢٦ هـ (١٩٠٨ م)، ويوجد أيضًا على الهامش فى أول صفحة أمام عنوان الكتاب "عبد الفتاح البنا" سنة ١٣٢٩ هـ - (١٩١١ م) بحبر يقارب الحبر الذى كتب به عنوان الكتاب، ولعله صاحب النسخة قبل الإهداء إلى دار الكتب. . كما يغلب على الظن أنه صاحب الإهداء.
وهذه النسخة لا يوجد بها أى تصحيح أو تغيير فى الحبر. . مما يدل على أنها لم تصحح كالسابقة. ومما يرجح أن هذه النسخة صورة طبق الأصل من النسخة السابقة، أنه وجد فى فهرس أصول الفقه عند عنوان الكتاب "أنها مأخوذة بمطبعة البالوظة عن نسخة خطية". . ولكنه لم يتبين لنا معرفة هذه النسخة الخطية التى نقل عنها ولا تاريخها.
وقد راجعت هذه النسخة على النسخة رقم ١٤٢١ فلم أجد بينهما أى خلاف مما يدل على أنهما أصل وصورة من مطبعة بالوظة واحدة، ولهذا اكتفيت عند التحقيق بالنسخة الأولى فقط.
٤ - النسخة الرابعة:
برقم ٩٠١ فقه شافعى، بخزانة مخطوطات دار الكتب المصرية أيضًا، ناقصة الآخر وبها خروم من الوسط، بقلم نسخ معتاد، ومسطرتها ١٧ سطرًا ١٧× ١٣ سم، فى حجم الربع، ويقع الموجود منها فى ١٠٢ ورقة، الورقة الأخيرة منها من أول كتاب النفقات. وهى مفككة الأوراق، ومجلدة بجلد قديم، ولم يعرف تاريخ نسخها ولا تاريخ الانتهاء منها. . ولعل ذلك يرجع إلى ضياع الأوراق الأخيرة، وهى التى يكتب عليها عادة تاريخ الانتهاء من النسخة وكذا بقية المعلومات التى نحتاج إليها. ولكنه من خلال البحث يتضح أن هذه النسخة قد كتبت فى القرن الثامن أو فى أوائل التاسع الهجرى، وأنها أخذت عن نسخة المصنف نفسه، فقد جاء بهامش هذه النسخة عند مسألة عدم تأقيت الجبيرة أمام البياض الذى فى نهاية المسألة هذه العبارة: "البياض الذى يوجد كله عن نسخة المصنف، ﵀".
1 / 19
وقد وجد على الصفحة الأولى عدة تمليكات: إحداها لنور الدين بن الشيخ بدر الدين الشناوى. . والثانية لتقى الدين الحسينى الحصنى الشافعى سنة ١١٠٩ هـ- (١٦٩٧ م).
٥ - أما النسخة الخامسة:
فهى برقم ٤٧٧ خصوصية فقه شافعى، بخزانة مخطوطات الجامع الأزهر.
وهذه النسخة ضمن مجموعة، وتقع فى ٧٣ ورقة من المجموعة، ومسطرتها مختلفة ما بين ١٩، ٢٠، ٢٢، ٢٣ - بخط نسخ مختلف بالحبر الأسمر. وهى كاملة وعليها حواش كثيرة لابن العماد تلميذ الأسنوى. . وعلى الورقة الأولى منها عنوان الكتاب مرتين، بخط مختلف، وهى مزيلة وبها عدة خروم من الوسط، ولم يعرف كاتبها ولا الزمن الذي كتبت فيه ولا تاريخ الانتهاء منها، ويظهر من الختم الواضح عليها أنها من كتب المرحوم حسن جلال باشا، هدية للجامع الأزهر تنفيذًا لوصيته.
وهذه النسخة أخذت عن نسخة ابن العماد تلميذ الآسنوى حيث ذكر الناسخ فى آخرها هذه العبارة: "والأصل المنقول منه هذه النسخة بخط شيخنا شهاب الدين أحمد بن عماد الأفقهى، والحواشى أيضًا إلا ما بينته، وقابلت الحواشى أيضًا فصح ذلك".
رابعًا: فى منهج التحقيق. . قمت بنسخ النسخة الخطية رقم ٢٧٧ بخط يدى، ثم قابلت النسخ الباقية عليها وأثبت ما وجد من خلاف.
وقد اخترت هذه النسخة بالذات لأنها كاملة، وقديمة، وقريبة العهد بالمؤلف، وتحمل تاريخ الانتهاء منها، وقد رمزت إليها بالحرف (أ).
وكانت طريقة مقابلتى للنسخ الباقية على النسخة (أ) هو إثبات ذلك الخلاف على النسخة (أ) التى نقلتها بخط يدى -وذلك بلون مخالف- وجعلت لكل نسخة لونًا خاصًا -سواء بالزيادة- أو النقص، أو الاختلاف فى الشكل.
1 / 20
وقد نقلت النسخة "أ" بالحبر الأزرق، ثم قابلت عليها النسخة رقم ١٤٢١ والتى رمزت إليها بالحرف "ب" وأثبت الخلاف بالرصاص، ثم النسخة رقم ٩٠١ والتى رمزت إليها بالحرف "جـ" وأثبت الخلاف بالحبر الأخضر، ثم النسخة رقم ٤٧٧ والتى رمزت إليها بالحرف "د" وأثبت الخلاف بالحبر الأحمر.
خامسًا: قمت بإثبات ذلك الخلاف مرة أخرى على الصفحة المقابلة مستخدمًا الحروف الرمزية المشار إليها "أ"، "ب"، "جـ"، "د".
سادسًا: قمت بنسخ صورة طبق الأصل مما أشرت إليه فى "خامسًا"؛ لتكون تحت يد الأستاذ المشرف زيادة فى دقة المراجعة وتحقيق النص.
سابعًا: حققت كل نص على حدة -ما أمكن- من المراجع الفقهية التى نقل عنها المؤلف أو أشار إليها، وأثبت ذلك بالهامش، وهو ما يعرف بتثبيت النص. وقد اجتهدت فى ضبط نصوصه، ما وسعنى الجهد والقدرة، وقد بذلت قصارى الاجتهاد فى هذه السبل.
ثامنًا: أثبت النص الصحيح للكتاب بالأصل، معتمدًا على جميع النسخ، وبينت المخالف لذلك النص بهامش الكتاب، حيث إننى لم أجعل فى التحقيق أصلًا ولا فرعًا بل اعتبرت النص السليم هو الأصل.
وقد حاولت أن أخرج النص سليمًا يقرب من الأصل الذى كتبه المؤلف، ولم أنقل الحواشى بالاختلافات البسيطة التى لا تستحق الذكر، مثل سقوط نقطة، أو سهو فى رسم حرف، أو زيادته، أو نقصانه فى الكلم، وإنما أصلحت ما هو بحاجة إلى الرم والإصلاح -دون الإشارة إلى ذلك فى الحواشى إلا لمامًا، واجتهدت فى وضع ما يستوجب وضعه تكملة لمعنى النص، ووفاقا للياقته وجعلته بين معقوفتين: []، مشيرًا إلى مصدرها بالهامش.
وقد استنجدت فى عملى هذا بجمهرة غير قليلة من المظانّ والمراجع المخطوطة والمطبوعة، وأظننى لم أرجع خائبًا فيما طلبته إليها ورجوته منها بفضل اللَّه وعونه.
تاسعًا: ترجمت لجميع الأعلام والكتب التى وردت بالكتاب، وقد حاولت أن
1 / 21