تعالى - في جامع بني أمية، فصار لا يفارقني لحظة، ويعيرني في كل ساعة لحظه، وقلت:
لم أنسَ يوم الفراق المرِّ حين دنا ... والقلبُ باكٍ وطرف العين منبهتُ
ونور عيني المفدى أحمد ولدي ... يمشي قليلًا أمامي ثم يلتفتُ
ثم أُسْرِجَتْ في الكامليّة على عادتها الشموع والمصابيح، وصليت فيها مع جماعة من الأصحاب صلاة التراويح، ثم بِتُّ تلك الليلة في قلق وألم، واستيقظت أواخر الليل فإذا والدتي عند رأسي لم تنم:
أتغلبني عيناي ليلة بيننا ... ووالدتي من شدّة الوجد لم تنمْ
أمن قسوةٍ هذا أم الكربُ غامرٌ ... لقلبي مما حلّ فيه من الألمْ
أي والله إنّ القلب لشديد الاحتراق، موثق من الكرب بأشد الوثاق، مثخن بجراحات الفراق:
خليلي لا والله ما القلبُ سالمٌ ... وإن ظهرتْ مِنيّ مخايلُ صاحي
وإلاّ فَما بالي ولم أشْهَدِ الوغا ... أبيتُ كأني مُثْخَنٌ بجراحِ
فتهيأت حينئذ للصلاة بعد الطهور، وتناولت مما حضر من السحور، وتمليت بوجه
1 / 26