295

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول‏

حمله ولم أر من أقصده لقضائه غيرك، فقال له أبو الحسن: طب نفسا وقر عينا، ثم أنزله [عنده].

فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبو الحسن: أريد منك حاجة، الله الله أن تخالفني فيها، فقال له الاعرابي: لا أخالفك، فكتب أبو الحسن ورقة بخطه معترفا فيها أن للاعرابي مالا عينه فيها، يرجح على دينه وقال: خذ هذا الخط فإذا وصلت إلى سر من رأى احضر الي وعندي جماعة فطالبني به وأغلظ القول علي في ترك ايفائك إياه، والله الله في مخالفتي فقال: أفعل، وأخذ الخط.

فلما وصل أبو الحسن إلى سر من رأى، وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم، خرج ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه وقال كما أوصاه فألان له أبو الحسن القول ورققه له وجعل يعتذر إليه ووعده بوفائه وطيب نفسه.

فنقل ذلك إلى الخليفة المتوكل، فأمر أن يحمل إلى أبي الحسن ثلاثون ألف درهم، فلما حملت اليه تركها إلى أن جاء الاعرابي فقال:

خذ هذا المال اقض منه دينك وأنفق الباقي على عيالك وأهلك واعذرنا فقال الاعرابي: يا ابن رسول الله، والله إن أملي كان يقصر عن ثلث هذا ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالاته، فأخذ المال وانصرف.

فهذه منقبة من سمعها حكم له بمكارم الاخلاق وقضى له بالمناقب المحكوم بشرفها بالاتفاق.

ولده أبو محمد الحسن وسيأتي ذكره إن شاء الله.

وأما عمره فإنه مات في جمادى الآخرة لخمس ليال بقين منه من سنة أربع وخمسين ومائتين للهجرة في خلافة المعتز، وتقدم ذكر ولادته في سنة اربع عشرة ومائتين فيكون عمره أربعين سنة غير أيام، كان مقامه مع أبيه محمد ست سنين وخمسة أشهر وبقي بعد وفاة أبيه ثلاثا وثلاثين سنة وشهرا وقبره بسر من رأى.

صفحه ۳۰۸