ولا نريد أن نطيل الوقوف عند هذه النقطة، ونكتفي بالحديث عن نوع من سوء الفهم له أهميته في كلامنا عن المسرح الملحمي الحديث. فقد عرفت العصور الوسطى، كما قدمت، مسرحيات بلاوتوس وتيرينس الهزلية، ولكنها عرفتها كمسرحيات للقراءة؛ أي من ناحيتها الأدبية قبل كل شيء، فلما حاول القوم أن يحققوها بالفعل على المسرح، تصوروا - نتيجة خطأ في الترجمة! - أن من الضروري أن تتلى على لسان شخص يقرؤها، على حين تصور النصوص على المسرح في صورة تمثيل صامت فحسب (بانتوميم). بهذا فصلوا بين الحدث والكلام. ولسوء الفهم هذا أساسه في أصول تمثيليات الأسرار، وهو يتفق مع الموقف العام في العصر الوسيط، كما يتمثل في الطقوس التي كانت تصاحب القداس الكنسي. أضف إلى هذا أن الفصل بين الكلمة والصورة أو بين الراوية الذي كان يتلو النصوص الدينية من مشهد
3
أو بيت صغير مستقل عن المسرح وبين الحدث المقدس الذي كان يعرض مستقلا عنه، شيء يتصل بعقلية العصور الوسطى وتصورها، وسوف نلاقيه في المسرح الحديث عندما نرى كيف يتم الفصل بين الكلمة والحدث الذي يجسمها في بعض التمثيليات المعاصرة.
هذا الطابع الملحمي لمسرح العصور الوسطى - الذي نجده في تمثيليات الشاعر والكاتب والإسكافي الألماني هانز زاكس (1494-1576م) التي بلغت حوالي مائتي تمثيلية تعرف بتمثيليات أربعاء الرماد
4 - ستحتفظ به كذلك تمثيليات الجزويت الكبرى. ربط الجزويت أخبار بعض النفوس الخاطئة وحكاياتها التي كانت تتلى لغرض تعليمي وأخلاقي بكثير من التهاويل والزخارف المسرحية التي أخذوها عن عصر الباروك. ومن أوضح الأمثلة على ذلك مسرحيتا «أكولاستوس»
5
لجنافيوس
6
وكينودوكسوس
7
صفحه نامشخص