ما استطعت" فكيف بنا نحن الذين أمرنا أن نجعل الرسول وحده لنا الأسوة؟!
ولسنا كذلك أمام فئة تحترم العقل، بل تزدريه وتحقره، ثم تهب في قحة طاغية الجراءة لتشتم الله، وتذود عن إبليس وفرعون وعباد العجل والوثن، داعية المسلمين إلى اتخاذ هؤلاء أربابا وآلهة، وسيرد على القارئ عشرات النصوص من فصوص بن عربي وتائية ابن الفارض شهيدة عليهم بما ذكرت، وابن عربي وابن الفارض قطبا التصوف، وإمام الصوفية المعاصرة. فكيف يعاب علينا أننا ندافع عن دين الله، وأنا نقول للشيطان: إنك أنت الشيطان؟!
ماذا نقول عن رجل -وهو ابن عربي- يفتري أدنأ البهتان على الله، فيصوره في صورة رجل وامرأة يقترفان الإثم، مؤكدا لأتباعه أن الجسدين الآثمين هما في الحقيقة ذات الله، سبحانه؟ وسبحان رب العزة عما يصف الآثم.
فهل نلام إذا هتكنا القناع عن وجه هذا الرجل، ليبصره المخدوعون به، ليبصروه مسخا ثانيا للشيطان؟ إننا في ميدان مستعر الأتون، يقاتلنا فيه عدو دنيء يتراءى أنه الأخ الشفيق الحنو، الندي الرحمة، فلا أقل من أن نحاربه بما يدفع ضره وشره، ويحول بينه وبين القضاء على الرمق الذابل من عقائد المسلمين، وبين تشتيت الحشاشة الباقية من الجماعة الإسلامية.
هذا الكتاب: هو في الحقيقة كتابان صنفهما علم من أعلام القرن التاسع الهجري، هو برهان الدين البقاعي، سمى أولهما "تنبيه الغبي، إلى تكفير ابن عربي" وسمى الآخر "تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد١" نقد فيهما ابن عربي وابن الفارض بخاصة، والتصوف المشاكل لدينهما بعامة. ومنهاج البقاعي في النقد يقوم على أصلين.
أولا: نقل نصوص كثيرة عن "فصوص الحكم" لابن عربي، وعن
_________
١ لما كان الكتاب ينقد التصوف نقدا قاتلا، فقد سميناه "مصرع التصوف" وأعتذر عن مخالفة الأصل في التسمية لطول عنواني الكتابين، ولما في أحدهما من تعريض بالقارئ.
1 / 10