السلام، فأين هي من دعاويهم١؟! ولا شبهة عليها، فضلا عن دليل، بل هي مصادمة للقواطع، ومن صادم القواطع، انقطعت عنقه، ولو بلغ في الزهد والعبادة أقصى الغايات ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ٢-٤] الآيات. ولو وقعت منهم الخوارق، فإنها شيطانية. قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [يس: ٤٣]، ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٢١] .
القول في صرف الكلام عن ظاهره:
وسميت هذه الأوراق: تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي، وإن شئت فسمها: النصوص من كفر [٤] الفصوص؛ لأني لم أستشهد على كفره، وقبيح أمره إلا بما لا ينفع معه التأويل من كلامه، فإنه ليس كل كلام يقبل تأويله، وصرفه عن ظاهره. وذلك يرجع إلى قاعدة الإقرار بشيء وتعقيبه بما يرفع شيئا ما من معناه، ولا خلاف عند الشافعية في أنه إن كان مفصولا لا يقبل، وأما إذا كان موصولا ففيه خلاف. ومن صورة ما لا ينفع فيه الصرف عن الظاهر،
_________
= ولهذا قال ابن عباس: وأما الغلمان فإن كنت تعلم منهم ما علمه الخضر من ذلك الغلام فاقتلهم وإلا فلا. وأما إقامة الجدار ففيها فعل المعروف بلا أجرة مع الحاجة، إذا كان لذرية قوم صالحين" باختصار عن مجموعة الرسائل والمسائل جـ٤ ص٦٧. وأقول: على فرض أن في القصة مخالفة الباطن للظاهر. فهذا بالنسبة إلى شريعتين، شريعة الخضر وشريعة موسى. أما الأمر بالنسبة إلى الخضر، فكان ما فعله هو الظاهر في شريعته، فلم يخالف ظاهر ما فعل باطن ما به أمر. فليس إذن ثمة باطن خالف ظاهرا، أما دعوى الصوفية فتفتري جواز مخالفة الباطن للظاهر في الشريعة الواحدة.
١ في الأصل: دعا.
1 / 22